Wednesday, November 10, 2010

اليوم الثلاثون : العشاء الأخير

كان فضل الله عليّ عظيما فكانت عطلة نهاية العام الدراسي المنصرم أفضل عطلة مررت بها حتى الآن . الأسباب كثيرة لكن أهمها هو تحقيق عدد جيد جداً من الأهداف التي وضعتها لنفسي ، إلى جانب التعرف على بعض الأصدقاء الذين اقتربوا من قلبي كثيرا على الرغم من قصر مدة التعارف بل قصر التلاقي و لكنها الأقدار يا عزيزي تفاجئنا دائما ، و لكني غالبا ما أكون سعيدا بمفاجآتها التي تكون مفجعة في أحيان كثيرة . أحد أهم أسباب اعتبار الأجازة كذلك هو شهر رمضان . رمضان الماضي كان شيئا مختلفا تماما في حياتي أعتبره حتى الآن مرحلة انتقالية رائعة و الحمد لله . كذلك أحد الأسباب هو الخطوة الفعلية التي خطوتها في مجال هوايتي و عملي المستقبلي ( التصميم الجرافيكي ) إن شاء الله .

إذن السبب الأساسي هو الإنجاز ، الإنجاز من أجمل المشاعر الإيجابية التي يمكن أن تشعر بها وسط حياة كئيبة كالتي تلقي بهمومها علينا كل يوم . يعطيك دفعة فلقد أثبت لتوّك أنك تستطيع . فلقد فعلتها !

ركاز أحد المؤسسات المهتمة بتعزيز الأخلاق يشرف عليها الرائع الدكتور محمد العوضي الذي أتحفنا في رمضان الماضي ببرنامجه الفكري الراقي ( بيني و بينكم ) على قناة الرسالة . كان أحد حملاتهم حملة بعنوان ( فاز .. من حياته إنجاز ) طبعا فاز ! من أهم ما يميزهم هو تفوقهم في المجالين الفني و الإعلامي ، و تلكم صفحة لحملاتهم حتى الآن ، علي يقين بأنكم ستستمتعون بها كثيراً .

الإنسان البطيء لا ينجز ، يتقدم الآخرون و هو قابع في القاع . يطير الناس بأحلامهم و حركتهم نحو الثريّا بينما يقبع هو وسط الثرى يحرك فيه أصابعه زاعما التفكير و التحليل و التقدير ، يقضي وقته كله في التفكير و طريقة حل المشاكل و لا يأخذ خطوة جريئة أبداً . ليته يعلم أنه بذلك سيظل مكانه فهو كباسطٍ كفّيه إلى الماء ليبلغ فاه و ما هو ببالغه . ليت ذلك الأحمق يعلم ! احرص على أن تنجر ، احرص على أن تجرّب ، فلن تخسر شيئاً إن آمنت أن كل تجارب الحياة مفيدة أيا كانت نتيجة التجربة .

أكتب الآن بعد أن أتممت و الحمد لله مشروع 30 يوما من التدوين ، صحيح أني لم أستطع ان أفعلها في ثلاثين يوم بالتمام و لكني أتممت المشروع و استفدت منه و حققت الهدف . أشكر كل من شجعني عند طرح الفكرة ، و كل من تابع ، و كل من شارك معي ، و كل من وعدني بالمشاركة و لكنه انشغل فلم أنل سعادة مشاركته .

-

أعكف الآن على مشروع جديد في مجال التصميم و هو تصميم و برمجة خط عربي . الموضوع معقد بعض الشيء . الخط سيكون على الطراز الكوفي المربع و هو أقدم الخطوط العربية . الخط موجّه بالأساس لكتابة العناوين الرئيسية و الجانبية ، فهو ليس خطا طباعيا بمعنى أن يستخدم في كتابة النصوص الطوال و هو أمر طبيعي بالنسبة للخط الكوفي .

اخترت الكوفي المربع لسهولة رسم حروفه فهو عبارة عن مربعات مصمتة متراصة لجوار بعضها ، ثم لأنه ليس له قواعد ثابتة سوى الحفاظ على اتزان و تجانس النص المكتوب أو المطبوع و هو ما سيسبب لي مشكلة لأن الخط الكوفي غالبا يتم تصميمه تبعاً للجملة التي يكتب فيها لتحقيق التوازن الخاص بها ، فشكل الحرف الواحد قد يتغير و تضاف له إضافات لتحقيق التوازن ، و لكنها تجربتي الأولى فكان لابد من خط سهل لا يحتاج لرسم كثير بل يكون العمل الأكبر هو برمجة الخط و ليس رسم الحرف .

انتهيت تقريباً من رسم جميع الأرقام و العلامات الخاصة و الحروف في حالاتها الأربعة الخاصة باللغة العربية ( مفردة ، بداية ، وسط ، نهاية ) و أقوم الآن بالبحث و القراءة في موضوع البرمجة و تلكم بعض الصور لبعض الحروف و استخدامها كتجربة في بعض الجمل .
-

أحدث تصميم في سلسلة ( زمن الكوسة .. في أرض المحروسة ) .


-

سأعود للتدوين إن شاء الله بمعدل طبيعي ( موضوع كل أسبوع أو أسبوعين تقريبأً ) و سأجتهد أن أكتب عن الرؤية الفنية للمشاريع فهو مجال عملي كما أني أستمتع به كثيراً .

أشكركم على المتابعة لمدة ثلاثين يوماً
أستودع الله دينكم و أماناتكم و خواتيم أعمالكم
تمّ

أنس علاء
( 28 سبتمبر - 10 نوفمبر ) 2010

Sunday, November 7, 2010

اليوم التاسع و العشرون : تسلم و يسلم صوتك


تسلم ويسلم صوتك
وتسلم كلمة حق فى قلبك
قلتها ومخليتهاش جنبك
تحت هدومك .. تحت فانلّة .. تحت الجلد . جوه فى قلبك

يسلم واحد قال الحق
وقال عمرى ما هسكت ولا هنذل
ولا أشوف أهلى بتنذل
و عمر ما ميزان العدل ف قلبى هيختل

اسمعوا يا ولاد الكلب يا حراميه
ياللى بعتوا بلادنا
و ضحكتو علينا بأغنيّه
ومخلتوش لينا حاجة غير الطعمية
فاكرين الناس هفيه
والظلم عندكو ده تمن الهدية
انسو و فوقو ، دى بلدنا بلد اسلاميه
و دينا دين راسه عليّه
و اعرفو إن فىه رب و فيه حساب
و إن بعد الظلم عذاب
وكل حاجه مكتوبة فى كتاب
يوم القيامة وفى الحساب
و اعرفوا إن للمولى عباد
بتعمل لجلالته مش للعباد
واللى معاه المولى ما يخاف غير المولى
وتتفتح على إيده بلاد
و يا فرد يا مؤمن يا مآمن بجنه ونار
متسكتش عن الظلم وخاف من الجبار
ومتخفش من نار الدنيا ديه مش نار

شعر : خالد شاهين

تنويه : انا غير مسئول عن أي ألفاظ خارجة في القصيدة

Thursday, November 4, 2010

اليوم الثامن و العشرون : أَسْلَمْتُ


كلمة الإسلام كلمة بسيطة ، لكننا في العصر الحديث و مع كمية المصطلحات و الدلالات التي نسمعها كل يوم أصبحنا نحتاج يوماً بعد يوم لأن نفهم الإسلام مرة أخرى و نسمع و نقرأ ما قاله المججدون عن الإسلام ، فالتجديد الإسلامي له أهمية بالغة تكمن في كون الإسلام دين صالح لكل زمان و مكان ، و بالتالي أصبحنا نبحث في أقطارالأرض عن العالم الذي نستقي من فيه كلمة عن الإسلام ، لندرك حقيقة بل عظمة هذا الدين الذي ظلمناه كثيراً .

إن المتأمل للنصرانية و اليهودية يدرك شيئا من تلك العظمة . اليهودية كانت تمثل الجانب الدنيوي من مسيرة الحياة ( لا أقصد بالحياة هنا الحياةالدنيا ، بل أقصدك مسيرة الحياة بداية من الخلق و انتهاء بالخلود في الجنة أو النار ) فهبطت بصورة الإله لدرجة قد تصل بالإله لصورة مشينة تجعل البشري يصارعه بل و ينتصر عليه في أحيان أخرى تأثرا ببعض الرؤى الرومانية كما ذكر يوسف زيدان في كتابه اللاهوت العربي ، فكانت اليهودية تدعو إلى ممكلة ( الآن ، هنا ) دعوة سريعة للمجد و الانتصار ( الآن ) متغافلة أو متنساية الآخرة ، بل هي في الدنيا ( هنا ) و بذلك كانت أحد القطبين . جاءت النصرانية المحرفة لتمثل القطب الآخر تماماً ، فجاءت دين الحب و السلام ، دين الخلاص الداخلي ، لا تهتم بأمور الدنيا بل وجدنا فيها الرهبة و العزلة و الانقطاع لخدمة الرب و العبادة ، و الزهد بعيداً عن ترف الدنيا أو حتى المستوى المعقول منها ، تعارض العلم بل تقتل العلماء أحيانا بتهمة الهرطقة و مخالفة النصوص الدينية . يقول المسيح " مملكتي ليست من هذا العالم " في دعوة منه للنظر للآخرة و نكران الدنيا .

تلكم النظرة السريعة على اليهودية و النصرانية ندرك معنى الإسلام كدين وسطي ( بين النظرة المادية للحباة و النظرة الروحية الخالصة ) . و نتيجة لذلك اتهمه المؤمنون باليهودية بأنه دين ميتافيزيقي يدعو لجنة الخلد متجاهلاً مملكة الدنيا التي يسعون لها . و اتهمه المؤمنون بالنصرانية بأنه دين ترك مهمته الأساسية من حقيقته الصوفيه و تطهير الأرواح و النفوس و نشر المحبة و السلام و أصبح دينا لصيقا بالدنيا ، مختلطا بالمجتمع . و الإسلام من كل هذا براء . فهو ينتظم شئون الحياة جميعها بهدف أسمى و هو الخلود في الجنان . و تلك علامة صحة فالمعتدل دائما ما تنهال عليه الاتهامات من الطرفين المقصر و المغالي كليهما .

لقد خلق الله الإنسان لهدفين رئيسين نستطيع أن نجملهما في قوله تعالى " و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون " العبادة بمعناها الواسع ، ليس الشعائر فقط كما يحصرها البعض ، بل كل عمل يفعله الإنسان ينوي به تحصيل رضا الله و ثوابه ، شعيرة كان أو عادة أو عمل أو تحصيل علم أو ... أو ... أو ... . أما الهدف الثاني من قوله تعالى " إني جاعل في الأرض خليفة " أنت خليفة ! كلنا خليفة ! إن دور الخليفة بالطبع لا ينحصر في دور العبادة ، لا ينحصر في الخنادف و الجحور التي نحصر نفسنا فيها . دور الخليفة هو إعمار الأرض . و حينما فهم المسلمون الأوائل ذلك تقدموا في شتى العلوم و اخترعوا اختراعات عجيبة يجهلها كثير من المسلمين ( راجع البرنامج الرائع "خواطر 6" لـ "أحمد الشقيري" و الذي كان يعرض في رمضان على شاشة قناة الرسالة ) .

من تلكم الآيتين نفهم دور المسلم في الحياة . فهو عبد و خليفة بكل ما تعنيهما الكلمتين من معنى . نجد كثير من الأحاديث و الآيات و المواقف توضح تلك الحقيقة ، " إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ " [فاطر] ، " و ابتغِ فيما آتاك اللهُ الدارَ الآخرةَ و لا تنْسَ نَصيبكَ من الدنيا " [القصص] ، " فإذا قُضِيَت الصلاة فانتشروا في الأرض و ابتغوا من فضل الله و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون " [الجمعة]، " هو الذي جعل لكم الأرض ذَلولاً فامشوا في مناكبها و كُلُوا من رزقه و إليه النشور " [الملك] ، " أنتم أعلم بأمور دنياكم " ، " من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع " ، " المؤمن الذي يخالط الناس و يصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس و لا يصبر على أذاهم " ، " أما أنا فأصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتى فليس مني " ، " نعم المال الصالح للعبد الصالح " .

الإسلام دين رباني ، وسطي ، واقعي ، شامل ، صالح لكل زمان و مكان ، ينتظم شئون الحياة جميعاً . يا له من دين لو أن له رجال . و لا حول ولا قوة إلا بالله .

-

المراجع للاستزادة :

1. الإسلام بين الشرق و الغرب - علي عزت بيجوفيتش
2. اللاهوت العربي - يوسف زيدان
3. خصائص التصور الإسلامي و مقوماته - سيد قطب
4. مدخل لمعرفة الإسلام - يوسف القرضاوي
5. الإسلام .. ما هو ؟ - مصطفى محمود