Sunday, September 20, 2009

صيد الخاطر في ترتيب الخواطر

كل سنة و إنتم طيبين و تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال
هي مجموعة من الخواطر كنت أرسلها لبعض الأصدقاء في رمضان
متنسوش صيام ستة أيام من شوال " من رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر " [رواه مسلم] و جزاكم الله خيرا
أترككم مع الخواطر
-
خاطرة 1
يا ابن آدم ركبت من القصور و الفقر و العجز و الاحتياج ، لتنظر بمرصاد قصورك إلى سرادقات كماله سبحانه و تعالى ، و بمقياس فقرك إلى درجات غناه و رحمته ، و بمقياس عجزك إلى قدرته و كبريائه ، و من تنوع احتياجك إلى أنواع نعمه و إحسانه
فظهر بمراتب عبوديتك جمال ربوبيته
--
خاطرة 2
و هكذا قامت الجماعة المسلمة الأولى - في المدينة - على هاتين الركيزتين .. على الإيمان بالله : ذلك الإيمان المنبثق من معرفة الله - سبحانه - و تمثل صفاته في الضمائر ، و تقواه و مراقبته ، و اليقظة و الحساسية إلى حد غير معهود إلا في نادر من الأحوال . و على الحب . الحب الفياض الرائق ، و الود . الود العذب الجميل ، و التكافل . التكافل الجاد العميق ... و بلغت الجماعة في ذلك كله مبلغا لولا أنه وقع لعد من أحلام الحالمين ! و قصة المؤاخاة بين المهاجرين و الأنصار قصة من عالم الحقيقة و لكنها في طبيعتها أقرب إلى الرؤى الحالمة ، و هي قصة وقعت في هذه الأرض و لكنها في طبيعتها من عالم الخلد و الجنان .
و على مثل ذلك الإيمان و مثل هذه الأخوة يقوم منهج الله في الأرض في كل زمان
--
خاطرة 3
هي شجر عنب كثيرة الثمر ، فكان غارسها إذا مر به صديق له : اقتطف عنقودا و دعاه ، فيأكله و ينصرف شاكرا .
فلما كان اليوم العاشر : قالت امرأة صاحب الشجرة لزوجها : ما هذا من أدب الضيافة ، و لكن أرى إن دعوت أخاك فأكل النصف ، مددت يدك معه مشاركا ، إيناسا له و تبسطا و إكراما .
فقال : لأفعلن ذلك غدا .
فلما كان الغد ، و انتصف الضيف في أكله : مد الرجل ييده و تناول حبة ، فوجدها حامضة لا تساغ و تفلها و قطّب حاجبيه ، و أبدى عجبه من صبرضيفه على أكل أمثالها .
فقال الضيف : قد أكلت من يدك من قبل على مر الأيام حلوا كثيرا ، و لم أحب أن أريك من نفسي كراهة لهذا تشوب في نفسك عطاءك السالف .
فليس فيمن حولك من انبغت له العصمة و استقام له الصواب ، فإن أخطأ معك اخ لك ، فلا تجرنّك كبوته على الهجران و التأفف و الضجر و الانتقاص منه ، بل و لا على العتاب ، إنما تصبر و تكظم و تعفو في سرك ، مستحضرا جمال سابقاته و جياد أفعاله و حلو مكرماته ، إذ لعله قد أعانك على توبة ، أو ظاهرك عند تعلمك رديفا و سميرا و رفيقا ، أو علّمك بابا مما علمه الله .
--
خاطرة 4
و يجتمع هذا الكلام الحق ليقرر أن محنة الداعية المسلم لا تكمن في معارضة الكفر له و لا في سجنه و تعذيبه و تجويعه ، بقدر ما تكمن في استرخاء همته و التذاذه بالراحة .
ما محنة الداعية إلا لهوه و غفلته و جلوسه فارغا ، وربما زاد فينفتح باب من اللغو بعد اللهو .
تلك هي محنته الحقيقية التي تفتعلها الجاهلية للدعاة ، بما تعرض للناس من مغريات و أسباب لهو تلفت أنظارهم إليها .
و ما انتصار الداعية إلا في أن تعاف نفسه ما لا يؤثر في تقدم دعوته .
إن غفلة الداعية محنة ، ﻷنها صرفته عن نصر ممكن يحققه له الجد و العمل الدائب ، و صرفته أيضا عن أجر و ثواب أخروي ليس له من مقدمة إلا هذا الجد
--
خاطرة 5
تمام التذكر يكون مع الهدوء و السكون
فمن ثم كانت مدرسة الليل
و كان ترغيب الل للمؤمنين أن يجددوا سمت الذين " كانوا قليلا من الليل ما يهجعون و بالأسحار هم يستغفرون "
و إذا انتصف الليل في القرون الأولى ، كانت أصوات المؤذنبن ترتفع تنادي
يا رجال الليل جدوا .. رب صـوت لا يرد
لا يقوم الليل إلا .. من له عزم و جد
فلا تبخل على نفسك بركعتين
في الثلث الأخير
حينها لا ترد الدعوات
--
خاطرة 6
ه الإنسان الضعيف تغزوه الأعراض غزوا فيه إلحاح . عدوى ، أو سرطان ، أو حريق ، أو غرق ، أو زلق ، أو سقوط ، أو اصطدام ، أو لدغة ، أو تسمم بطعام ، أو طلقة تائهة
فإذا نجا من كل ذلك : كان له في الهرم و ضغط الدم و ارتفاع نسبة السكر تأديب أي تأديب
فإذا طال النفس : اقتص منه الموت
" قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم "
تعددت الأسباب و الموت واحد
متى سنتخلض من زلاتنا و بلاوينا ، كفى بالموت واعظا
--
خاطرة 7
متى سننتقي ألفاظنا ؟ متى سنختار كلماتنا ؟
الله سبحانه و تعالى أنزل إلينا القرآن لكي نتعلم منه
حينما ذكر قصة يوسف عليه السلام واصفا مشهد امرأة العزيز . ذلك المشهد الذي يفتتن اليوم أهل الباطل في تزيينه لنا . قصّه الله علينا بألفاظ لا تخدش الحياء ضاربا أعظم مثال للعفة في التاريخ
" و قال تعالى أيضا كناية عن النكاح : " فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به
انظر إلى اللفظ حتى إن القاصرين في السن إذا قرؤوه لم يفهموه بل إن بعض من هم في سننا من الشباب لم يفهمه
كم مرة قلنا لفظا بقصد أو غير قصد آذى مشاعر أخ لنا حتى و إن كنا مازحين. أرجوك انتقي أجمل و أرق الألفاظ فإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تهوي به في النار سبعين خريفا
--
خاطرة 8
و الحقيقة أنه و إن افتقد الدعاة في هذا القرن صورة حكم إسلامي يصلح مثلا لتطبيق الإسلام، إلا أن هذا المثل يمكن أن يتجلى في بضعة أشخاص من الدعاة ، تتضح فيهم معاني الإسلام ، و يكتسبون من هيبته ، و يبلغون الذروة في الإيمان و التجرد و تطبيق السنة النبوية الشريفة
و هذا هو معنى القدوة في صورتها البسيطة
فيعوض بذلك عن صورة الحكم الإسلامي المفتقد و يكون بديلا لها و برهانا على أن الإسلام قادر أن ينتج مثل هذه النماذج الإنسانية الرفيعة ، أو بالأحرى : يكون برهانا على أن مثل هذه النماذج لا ينتجها غير الإسلام
-
كل سنة و أنتم طيبين مرة تانية
اللهم لا تحرمنا من موجبات رحمتك