Sunday, October 31, 2010

اليوم السابع و العشرون : أبي و أمي

إن الوالدين يندفعان بالفطرة إلى رعاية الأولاد . إلى التضحية بكل شيء حتى بالذات . و كما تمتص النابتة الخضراء كل غذاء في الحبة فإذا هي فتات ، و يمتص الفرخ كل غذاء في البيضة فإذا هي قشر ، كذلك يمتص الأولاد كل رحيق و كل عافية و كل جهد و كل اهتمام من الوالدين فإذا بهما شيخوخة فانية - إن أمهلهما الأجل - و هما مع ذلك سعيدان !

فأما الأولاد فسرعان ما ينسون ذلك كله ، و يندفعون بدورهم إلى الأمام . إلى الزوجات و الذرية .. و هكذا تندفع الحياة .

و من ثم لا يحتاج الآباء إلى توصية بالأبناء . إنما يحتاج هؤلاء إلى استجاشة و جدانهم بقوة ليذكروا واجب الجيل الذي أنفق رحيقه كله حتى أدركه الجفاف !

و هنا يجيء الأمر بالإحسان إلى الوالدين في صورة قضاء من الله يحمل معنى الأمر المؤكد ، بعد الأمر المؤكد بعبادة الله
" وَ قَضَى رَبّكَ ألا تّعْبُدُوا إلا إيّاهُ وَ بِالوَالِدَيْن إحْسَاناً "

[ في ظلال القرآن - سيد قطب ]

أبي ، أمي .. أعتذر عن كل شيء .. بشدة

-

فيلم يوناني قصير مترجم بالإنجليزية
من إنتاج عام 2007
بعنوان : ما هذا ؟ ( what is that ? )


Saturday, October 30, 2010

اليوم السادس و العشرون : inception


وسط موجة الأفلام الهابطة الخالية من أي شيء ، حتى من المتعة ، أفلام رعب و عنف و ضرب و قتل و بوم بوم طاخ طاخ . نحتاج لأن نرى فناً حقيقياً ممتعاً ، ترفه عن نفسك و تخرج لمجابهة صعاب الحياة مرة أخرى . بجانب المناقشة لبعض الأفكار و الوصول لطريقة تفكير الآخر .

تبدأ قصة الفيلم معي عندما كنت أبحث عن الجديد في الأفلام فوجدت فيلم اسمه إنسبشن (inception) بطولة ليوناردو ديكابريو ( Leonardo DiCaprio ) ، حتى الآن طبيعي جداً ، ثم دخلت إلى قائمة أفضل 250 فيلم في التاريخ على موقع imdb و هو بالمناسبة تقييم و تصنيف شعبي - ليس رسمياً - ففوجئت بـ إنسبشن في المركز الثالث و كان لم يمر تقريباً على عرضه في دور العرض ثلاثة أسابيع . ثلاثة أسابيع فقط و يصلل للمركز الثالث ! ثم تبع ذلك كلام من بعض الأصدقاء المهتمين بالسينما عن أنه فيلم غير طبيعي .

ثم وجدت مقالاً للمخرج المصري الرائع عمرو سلامة بعنوان ( إنسبشن ... و علاقته غير المباشرة بالبرفكشن ) و كان قد كتب فيه أن بعض الناس تاهت في منتصف الفيلم و لم تعد تعلم من أين أتت و أين أصبحت إلى أين تتجه كما حدث مع بعض الناس في الفيلم المصري ألف مبروك من بطولة أحمد حلمي . فاعتقدت أن الموضوع سيكون مثير . شاهدت الفيلم مرتين و كنت متوجسا في المرة الأولى خشية التوهان و أن أصبح كأولئك الذين ضاعوا في منتصف الطريق . و لكن الموضوع كان ممتع جداً و مثير جداً و جميل جداً .

سأحاول أن أتكلم عن الفيلم من وجهة نظري و تقييم سريع لعناصره ( الفكرة و السيناريو - الإخراج و التصوير - الموسيقى التصويرية - التمثيل ) طبعاً الفيلم ممتع لأقصى درجة ، قد لا تكون فيه فكرة واضحة و مباشرة كـ V for Vendetta أو كـ American History X أو كـ Traitor و لكنه و إن كان فيلم للمتعة فقط - و إن كنت أشك في ذلك - يظل علامة فارقة في عالم الإمتاع ، الفيلم فعلاً مشكلة .

تلخيص سريع : الفيلم يدور حول فكرة قد تعتبر خيال علمي و إن كنت أكره تلك الكلمة بناء على تصوري عند سماعها على حرب الكواكب و الغرباء القادمون من السماء ، و لكنه قد يصنف تحته فهو يتكلم عن الأحلام ، عالم الأحلام ذلك العالم الثاني الغريب الذي ربما نقضي فيه أوقات لا نستطيع أن نفعلها على أرض الواقع ، نصنع الحلم كما نريد ، ربما نفكر في الأمر قليلاً لدرجة الهم فنجده بتحقق في خيالنا . هل سمعت عن بعض الآباء ينتزعون اعترافات من أبنائهم عند نومهم ؟ فالإنسان عند نومه تتهاوى خطوط دفاعاته نظراً لضعف تركيزه المخي ، تتهاوى أسوار قواك فربما تعترف بأشياء لو كنت مستيقظا لصفعت السائل على وجهه لقبح السؤال ، و لكنك عند نومك ربما تقر في أريحية تامة . الأمر أشبه بذلك . فالفيلم يحكي عن مجموعة من الناس تمارس نوعاً من السرقة و النصب عن طريق جهاز يدخلك في عقل الشخص الذي أمامك أثناءنومكما معاً . تقوم بتوصيل الجهاز بكما ثم تدخلا إلى عالم عقله و تتحرك كأنك في الواقع و لكنك تحتاج لمهندس معماري معك ليبني لك المكان الذي ستكون فيه مع البطل في الحلم طبعاً ، عالم الحلم . و حينها أفكاره يكون قد خبئها في شيء أشبه بخزانة فإن استطعت أن تصل لتلك الخزانة تكون الأوراق مثلا التي بداخلها هي الأفكار و الأسرار التي تدور بعقله ، و بوضعك لشيء داخل تلك الخزانة تكون قد زرعت فكرة في عقل الرجل . نصب نصب يعني .

أيضا يمكنك وضع حلم بداخل حلم ، فتنام داخل الحلم لتصبح في حلم آخر و بالتالي على المهندس المعماري أن يبني لك عالم الحلم الثاني و هكذا حتى تصل إلى مثلا أربع طبقات من الحلم و كلما توغلت كان الأمر أخطر و زرع الفكرة أو سرقتها أصعب لأن الشخص الحالم يكوّن عقله أجسام مضادة تلقائية في الحلم قد تكون دبابة أو جيش أو جنود او أيا كان . و عند موتك في الحلم تستيقظ في أرض الواقع بكل بساطة .

الفيلم يدور ول مهمة لمجموعة من ستة أشخاص يعرض عليهم رجل أعمال زرع فكرة في دماغ رجل أعمال آخر فيقوموا بالتخطيط للمهمة بإحكام و يدخلوا بالفعل إلى عقله و وسط أحداث كثيرة يحاولوا زرع تلك الفكرة .

الفكرة : الفكرة طبعا بعد الملخص السابق فكرة رائعة ، جديدة إلى حد كبير ، أعتقد أنها أفضل من أي شيء آخر في الفيلم ، الإبداع الأول كان في الفكرة ، سرقة و زرع الأفكار ، اللعب في الزمن ، الحلم داخل حلم ، اختلاف التوقيت من حلم لحلم فخمس دقائق في الواقع تعادل مثلا ساعة في الطبقة الأولى من الأحلام و هكذا حتى ربما تصل لخمسين سنة في الطقى الرابعة أو الخامسة ! أمر مرعب .

الإخراج : طبعا المخرج كربستوفر نولان ( Christpher Nolam ) و هو كاتب الفيلم و صاحب فكرته ، فهو البطل . يستحق الكثير على هذا الفيلم فهو مخرج مركز جداً ، مبدع جداً ، يخرج كل سنين فيلم لكن الفيلم يحقق نجاحا ساحقاً ، فهو بالمناسبة مخرج فيلك فارس الظلام ( The Dark Knight ) الفيلم الثاني في سلسلة بات مان و هو الآن في طريقة لإخراج الفيلم الثالث و ربما الأخير في السلسلة . فارس الظلام الذي أعجب الكثير من الناس و حقق أرباحا مهولة و حصل على جوائز أوسكار عدة ، الفيلم الذي غير رؤيتنا للحق و الباطل ، الذي جلعنا نتساءل هل يمكن أن تكون على الحق و لكن هذا ليس الوقت المناسب ! أن تكون على حق و لكن هذا ليس الشكل المناسب ! الفيلم الذي جعل البعض يتساءل : هل هناك فعلاً فرق حقيقي بين الجوكر و بات مان على البون الشاسع بينها ؟ . نعود للفيلم فأقول استخدامه للتصوير البطيء في بعض المشاهد فظيع ، و هناك مشهد الجاذبية مش ممكن فعلاً .المخرج يهل علينا كل سنتين بفيلم واحد .. فيمتعنا و يبهرنا . هناك فعلا بعض المشاهد في الفيلم عندما رأيتها لم أتخيل كيف تم تصويرها فهناك مشاهد بدون جاذبية و مشاهد انقلابات للمباني و حاجات غريبة حتى رأيت أحد مقاطع الفيديو يتحث عن صناعة الصوت للفيلم فوجدت أنهم فعلموا ما لم يأت به الأوائل . و فتحت فمي .

الموسيقى التصويرية : أعتقد يكفي الآن أن تذكر اسم هانس زيمر ( Hans Zimmer) على أي فيلم دون أن تتحدث عن الموسيقى التصويرية . تابعته في أفلام The Dark Knight ، و The DaVinci Code ، و Angels & Demons و أخيراً في إنسبشن . فأنا أعرفه منذ زمن ، عالم آخر فعلاً و إن كنت أعتقد أن إنسبشن بما فيه من خيال و واقع في آن واحد كان من الصعب صناعة و اختيار جو الموسيقى له و لكنه كان موفقاً جداً .

التمثيل : لم يعجبني التمثيل كثيرأ ، لم يعجبني أبدأ ، أعتقد إنه لم يكن هناك تمثيل أساساً ، أكثر من أعجبني تمثيلهما هما يوسف سائق الشاحنة و مساعد كوب ، الرجل الرفيع ، عليه تعابير وش فظيعة .

إنسبشن .. الفكرة هي أخطر ما في الوجود .

"Inception" Sound for Film Profile from Michael Coleman on Vimeo.

Wednesday, October 27, 2010

اليوم الخامس و العشرون : الجماعة


(1)
تابعت عن بعد الجدل المثار حول مسلسل الجماعة منذ أن أعلن وحيد حامد عن نيته لكتابة مسلسل عن جماعة الإخوان المسلمين و مؤسسها حسن البنا بشكل خاص . ثم طلب الأستاذ سيف الإسلام حسن البنا إطلاعه على السيناربو قبل البدء في تصويره بصفته ابناً للبطل الذي سيتم عرض سيرته الذاتية . ثم رفض وحيد حامد لذلك قائلاً بأنه إذا كانت الجماعة تخشى من عرض قصتها في مسلسل درامي فإن ذلك بسبب إن " اللي على راسه بطحة بيحسس عليها " و لكن الأزمة الأساسية حينها حينها كانت التشكيك في النية من أساسه ، لأكثر من سبب ، من أهمها وقت عرض المسلسل ( قبل الانتخابات البرلمانية بشهرين تقريباً ) و طبعا كما تعلمون فإن التشكيك في النية باب كبير تنفتح بعده كل أبواب الاتهامات . فوجئت بالأمس - أو لم أفاجأ - بخبر في جريدة الشروق بأن مسلسل الجماعة فاز بأفضل مسلسل درامي اجتماعي و إياد نصار كأفضل ممثل عربي و محمد يس كأفضل مخرج و وحيد حامد كأفضل مؤلف .

بدأت بعد رمضان في مشاهدة المسلسل إذ لم تتوفر الفرصة لمتابعة المسلسل في رمضان ، كنت على أمل أن أنهي المسلسل قبل الثلاثين يوما المخصصين للتدوين فأستطيع أن أكتب عنه ، و لكني لم أتجاوز الحلقة الخامسة عشر بعد و لكني كونت رؤية قد تكون كاملة شاملة سأعرض منها بعض النقاط هنا . ليس نقداً فنيا أو موضوعيا للمسلسل بل هو عرض سريع لنقاط سريعة موجزة كل الإيجاز .

(2)
أصابني الحزن جراء الهجوم على المسلسل و عرض مساوئه في الجانب الفكري - الذي سنعرض له لاحقاً - متجاهلين الجانب الفني فيه ، ففني الجانب الفني بدابة المسلسلل على مستوى عالٍ جداً من الإنتاج فقد تم صرف عليه مبلغ مهول ، أداء غالب الممثلين احترافي . تحية لإياد نصار على التمثيل و التجسيد الرائع لشخصية حسن البنا ، فهو كتمثيل بعيداً عن أي شيء تمثيل رائع ، يستحق عليها جائزة أفضل ممثل . الموسيقى التصويرية من إبداع عمر خيرت أكثر من رائعة ، مناسبة تماماً لجو المسلسل ، حصلت على مقطعي المقدمة و الخاتمة للمسلسل و أسعى للحصول على باقي المقاطع الداخلية إن تم نشرها . يمكنك أن تعلم أنها موسيقي عمر خيرت من دون أن يخبرك أحد و هي سمة مميزة لكل الموسيقيين التصويريين ، إذا ركزت مع أحدهم فستعلمه بمفردك بمجرد سماع مقطوعة أخرى من مسلسل أو فيلم آخر . الإخراج كان على طريقة الإخراج السينمائي و ليس المسلسلات و كذلك التصوير ، فبمجرد النظر لطبقة اللون العام للمسلسل فستعلم أن اللون به شيء من جو الأفلام السينمائية ، فمن أهم خطوات المونتاج للفيديو هو تحديد لون الفيديو يمكنك ملاحظة ذلك بسهولة بمجرد النظر لمقطع فيديو خلف الكواليس مثلا لأحد المسلسلات أو الأفلام ثم النظر لنفس الفيلم بعد المونتاج .

فالمسلسل فنياً قيمة مرتفعة جداً تستحق الإعجاب و التقدير ، بعيداً عن أية نوايا .

(3)
نأتي للجزء المهم و هو الجانب الفكري و هو الهدف الأساسي من المسلسل ، فهو كمسلسل درامي تاريخي لا شك أن الجانب الفكري يستحوذ بل ربما يطغى على باقي الجوانب . سأعتمد طريقة العرض السريع لبعض النقاط بدلاً من الشرح المطول .

- المسلسل تم رفضه عند الحلقات الأولى ، وسط تخوفات كبيرة من قطاعات داخل الجماعة ، بسبب وقت عرض المسلسل كما ذكرنا ، و كمية الممثلين الرهيبة بل المريبة المشاركة في العمل ، منهم ممثلين عظام - كأحمد حلمي - لم يتعدى دورهم الدقائق المعدودة ، و منهم من ظهر في حلقة و لم نر وجهة ثانية . بعد عرض الحلقات الأولى من المسلسل و رؤية ( كافتريات أمن الدولة ) و المعالمة الحانية لهم تم رفض المسلسل من قبل كبار مفكرين مصر و الكاتبين مقالاتهم في جرائد المعارضة ، سواء كانوا - المفكرين و الكتّاب - أصحاب توجه إسلامي صريح أو غير ذلك ، و اعتبروا المسلسل استخفافاً بعقل المشاهد و تزويرا للحقائق .

- إذا افترضنا سوء نية المؤلف - و هو ما فعله الكثيرون - و قلنا بأنه أراد من المسلسل تشويه صورة الجماعة ، فإن أكبر خطأ وقع فيه وحيد حامد هو تشويه صورة الإسلاميين بجميع اتجاهاتهم ( إخوان ، سلفيين ، دعاة جدد ) بدلا من الإخوان و فقط . فوجدنا الشيخ عاطف بدلاً من الدكتور عمرو خالد حريص كل الحرص على المبلغ المادي بعيداً عن الدعوة إلى الله فهو يتاجر بالدين نظرا لأسلوبه التمثيليل الجميل ، و وجدنا في مشهد ارتداء الشغالة للنقاب هجوما صريحا على السلفيين بأنهم أخطر من الإخوان و أنهم يسرقون البلد عن طريق اللعب في عقول البسطاءعن طريق انتشارهم و سيطرتهم على الفضائيات ، و هو لا شك خطأ فادح لن يغفره وحيد حامد لنفسه لأنه بذلك خسر قطاعا كبيرا من الشعب . فالشعب المصري بطبيعته ذو عاطفة إسلامية جياشة - و إن كانت في اتجاه خاطيء ، و إن فهم الإسلام فهما خاطئاً ، و إن كان حتى غير ملتزم من الأساس ، و إن كان يكره الإخوان ، و إن كان أي شيء - فإنه لا يقبل كلمة سوء عن الإسلام و الإسلاميين . و بذلك خسر وحيد حامد - بعلم أو غير علم ، عن عمد أو عن غير عمد - قطاعا كبيرا من الشباب المحبين للإسلام و المتأثرين بالدعاة الجدد أمثال الدكتور عمرو خالد و معز مسعود و مصطفى حسني ، و خسر أيضاً المتأثرين بالاتجاه السلفي ، وخسر السلفيين كلهم بالطبع فوجدنا الشيخ حازم شومان يرفض الهجوم على حسن البنا و على النقاب في مقطع فيديو على أحد الفضائيات ، و خسر أيضاً الإخوان و المحبين لهم . فلم يبقى له إلا ضعاف النفوس من أبناء الشعب و الجاهلين و أنصاف المتعلمين . ربما لو كان أكثر ذكاء لكان الهجوم صريحا على الإخوان و فقط حتى و إن كان يكره الإسلاميين كلهم ، و لكن لكي يحقق الهدف من المسلسل لكان عليه حصر الهجوم بنقاط محددة على الجماعة .

- بالنسبة لأحداث جامعة عين شمس و وصمه طلبة الإخوان ببدء الهجوم على طلبة الاتحاد و عسكر الأمن المركزي فهذا كلام عار من الصحة و هو شخصيا لا يملك دليلا عليه فالإخوان منهحم نظال دستوري سلمي إلى جانب التربية بعيداً عن العنف ، بل إنه ربما لم يجد حبكة لإلصاق التهمة بالطلبة غير وصمهم ببداية الاعتداء دائماً ، بل تعدى الأمر حتى بلغ رمي زجاجات المولوتوف من على أسطح مباني الجامعة و كأننا في أحد أفلام الإثارة و التشويق !

-إن أكثر ما تبدى فيه ذكاء المؤلف هو اختياره بعناية لعينات الطلبة المحقق معهم في أحداث الأزهر ، إنه شديد الذكاء . وجدنا من كان إخوانيا أبا عن جد ، الذي كان يتلو سورة يس طوال مكوثة في المكتب أثناء التحقيق رافضا منعه من السكوت بحجة أنه يقرأ القرآن ، و قول المحقق له " أنت دخلت الإخوان إزاي " فرد عليه " أبويا و جدي و العيلة كلها إخوان " ، فرد المحقق " وراثة يعني " فأجابه " مش بالظبط " !

عينة أخرى من الطلبة و هو الإنسان المظلوم الغلبان الذي يكره الحكومة ، فيشارك في فعاليات أي معارضة أيا كانت تلك المعرضة ، و إن كانت معارضة فاسدة ، و إن كانت معارضة غير قادرة على إحداث تغيير ، فهو مع الإخوان لأنه ضد الحكومة . و هو المشهد الذي أبدع فيه الممثل محمد فراج . مشهد مؤثر جداً ، أكثر من رائع .

وجدنا كذلك الطالب الذي يحب الإخوان و يشارك معهم لأنه فلاح غلبان ، وجد نفسه في القاهرة تائهاً ، فالقاهرة كما تعلمون تصيبك بشعور غريب لا أستطيع وصفه . فوجد الإخوان يوفرون له خدمات كثيرة كالمذكرات بأسعار زهيدة ، و وفورا له سكناً بدافع حب الخير فأحبهم و شارك معهم . فكان لابد - على حد قوله - أن ينشر شعارهم و يهتف به في كل مكان " الله غايتنا ، و الرسول قدوتنا ، و القرآن دستورنا ، و الجهاد سبيلنا ، و الموت في سبيل الله أسمى أمانينا " .

- أمر آخر هام و أخير هو بناء الشخصيات . شخصية حسن البنا و المرشد السابق محمد مهدي عاكف ( المسمى في المسلسل بالكبير ) فنجده بنى لهم حالات نفسيه من اصطناعه و تحيله ، بل إنطاق بعضهم بكلمات لا تليق أصلا بشخص محترم كقول المرشد في أحداث عين شمس بعد سماعه بضرب الطلبة " يا ريت كان مات لنا حد منهم ، كان زمان وسائل الإعلام و حقوق الإنسان قلبت الدنيا فوق دماغ الحكومة " و كأن الدماء رخيصى ربما يدفعا ثمنا لتشويه سمعة الحكومة ، بناؤه لشخصية المرشد السابق غاية في الوقاحة . أما حسن البنا فحدث و لا حرج فهو شخصية تملك حماسة و غيرة على الإسلام . و لكنه شخصية هستيريه جداً ( منفسنه جداً ) ، يتحدث بحماسة مصحوبة بهستيريا حادة بالذات عند حديثة عن فكرة جديدة أو اقتراح ومض في عقله فجأة . كذلك جسّده و كأنه محب للسلطة و الرياسة . جميعنا يدرك أن حسن البنا كان متفوقا على من حوله من الإخوان و حتى مؤسسين الجماعة الستة ، فبينهم بون فكري واسع في بداية الدعوة ، فجسّده و كأنه لابد و أن يشعره من حوله بأنه فعلا يتفوق عليهم و لا بد أن يوقروه ، بل هو المرشد العام و لا يجوز أن يكون أحد سواه .

المسلسل باختصار كقيمة فنية مرتفع جداً و لكن قيمة فكرية فيستحق الفشل عن جدارة .

Monday, October 25, 2010

اليوم الرابع و العشرون : مدونة جرّب في معرض أجمل وطن

شاركت ببعض التصاميم من سلسلة " زمن الكوسة .. في أرض المحروسة " باسم مدونة جرّب في معرض " أجمل وطن " بجامعة المنصورة . المعرض يعرض واقع الحياة المصرية ، ليس بدافع اليأس و تعتيم الصورة و لكن عرض واقعي لحياتنا بهدف تحريك الوجدان و حث الشعور على الانطلاق في الإصلاح و التغيير .

Saturday, October 23, 2010

اليوم الثالث و العشرون : بانكسي .. فنان الشوارع

إن المتظاهرين لا يقذفون الحجارة ، إنهم يقذفون باقات من الورود ، لأنهم يريدون حرية المجتمع قبل حريتهم . فقد يبدو ظاهراً للبصر أنهم يخربون و يضربون بالحجارة و لكن الحق - و الحق يقال - أنهم يسعون لحرية المجتمع معرضين أنفسهم للخطر و المتاعب و المساءلات ، لذلك فهم يقدمون له أفضل هدية .. أفضل باقة من الورود .. الحرية .

سمعت عنه أكثر من مرة . كنت جالسا في ورشة عمل يقظة فنان التي نظمها فريق عمل يقظة فكر و كان المحاضر يتحدث عن دور الفن في التغيير - الاجتماعي و ليس السياسي - و دوره في تشكيل وعي الناس و تغيير نظرتهم لقضايا معينة ، فجاء ذكره مرة أخرى ، ثم زرت موقعه الشخصي فأعجبتني جدا طريقة تفكيره و طريفة تعبيره . إنه بانكسي (Banksy) الفنان الجرافيتي الشهير .

شاهدت بالأمس فيلماً وثائقيا من إنتاج 2010 اسمه exit through the gift shop عن فناني الشوارع ، فناني منتصف الليالي ، لا يستدمون اللوحات الفنية ، أعمالهم لا تعرض في المتاحف ، متاحفهم هي جدران الشوارع . يستخدمون العبوات الباخة للألوان ، و علب الطلاء .

الفيلم من تصوير هاو فرنسي كان لا يترك كاميرا الفيديو من يده و لكن لم ير النور أي شيء مما كان يصوره . كان يصور و فقط ، منزله يحتوي على مئات الأشرطة ، البعض مدون بالتواريخ و البعض مدون بالعناوين و البعض لا يحتوي على أية معلومات تدل على ما فيه ، بدأ رحلته بالتعرف على بعض أولئك الفنانين ، كان يصحبهم في رحلاتهم الليلية أثناء طلائهم للجدران أو لصقهم للملصقات . بالطبع الشرطة كانت تلاحقهم وسط جو من المخاطرة فيما أعتقد كان يعطي للمغامرة بعضا من اللذة بجوار لذة الفن . رافق مجموعة كبيرة من أولئك الأشخاص ، كلهم كانوا يفصحون له عن هويتهم . لكن كان هناك واحداً يحلم بمرافقته ، إنه بطلنا بانكسي . جاء اليوم الموعود و هاتفه أحد الأصدقاء و قال له " إن بانكسي يجلس بجواري " حينها انتفض من مكانه و قاد سيارته بجنون إلى مكان صديقه و بدأت رحلتهما التي يحكيها الفيلم الوثائقي .

لم أصدق ما سمعته عنه حتى شاهدته يعينيّ في الفيلم الوثائقي ، كان يرسم لوحات و يضع لها إطارا ثم يدخل المتاحف العالمية و يلصق لوحته على الجدران بجوار أشهر اللوحات العالمية !

موقف آخر غريب ، قام يصنع دمية يتم نفخها بالهواء على شكل معتقلي جوانتانامو ببذاتهم البرتقالية المميزة و دخل إلى والت ديزني وضعها بالداخل على مرأى من الناس ثم انصرف . هذا الموقف اعتقل فيه صديقنا المصور بكاميرته و لكنه مسح الفيدية أثناء التحقيق ، ثم قال للشرطة " لا يوجد دليل ضدي ، اتركوني الآن " وسط اذبهلال رجال الشرطة فهم من طلبوا منه أن يريهم ما صوره !

من أجمل أعماله تلك التي رسمها على جدار الفصل العنصري حينما سافر إلى فلسطين الأرض المباركة المحتلة .

موقعه الرسمي


الطريف في الأمر ، أن بانكسي حتى الآن لا يعلم أحد من هو ، حتى في الفيلم ظهر مخفي الوجه . إنه فنان الشوارع . المجهول !

بعض أعمال بانكسي :








Friday, October 22, 2010

اليوم الثاني و العشرون : Go Creative !


ما زلت أعتقد أن التعليم الأكاديمي له مذاق آخر غير أن تتعلم كهاو ، فالهاوي يبحث في هذا الموقع و يحضر هذه الحزمة التدريبية ( course ) و يقرأ جزء من هذا الكتاب و يتصفح مقالاً في هذه المجلة ، كل هذا مفيد بل لا بديل عنه للذين لم تتوفر لهم فرصة التعليم الأكاديمي لسبب أو لآخر ، أنا من هؤلاء و لكن ربما يأتي اليوم الذي أدرس فيه التصميم الجرافيكي دراسة أكاديمية متأنية . مجرد شعور ربنا يخالفني فيه من درسوا أكاديمياً و لكني أسعد كثيراً بأي دورة تدريبية يكون لها هذا الطابع فتجد الحوار على أسس و الحديث عن مباديء .

حضرت أول أمس الخميس محاضرة ( Session) عن التصميم بعنوان ( Go Creative ) حاضر فيها مصمم الجرافيك حسن نعمان ، المحاضرة أحد فعاليات فريق iDream . المحاضرة أعجبتني كثيراً ، كانت بداية الحديث عن مفهوم تصميم هويّة لشركة ما ، فهناك شركة جديدة تريدك أن تصنع لها شعاراً و جميع المطبوعات من بوسترات و ملصقات و أغلفة أقراص مرنة و أظرفاً و ملفات توضع بداخلها الأوراق و ... و ... و ... و هو ما سيمى في مجال التصميم الـ ( Brand Identity) و هو من أكبر مجالات التصميم الطباعي بلاشك . فهناك الكثير من الشركات تولد كل يوم من رحم هذه الحياة تكون بحاجة إلى أن تصنع لنفسها هوية . فهناك من الشركات من ينجح المصمم في رفعها لأعلى عليين فترفع معها المصمم و التصميم . و هناك على العكس تماماً فيكون التصميم و شكله سببا في الخسف بالشركة .

كان الجزء الثاني من التصميم حديثاً مفتوحاً عن الألوان . سعدت بهذا الجزء خصيصاً ، أتاح لنا التفكي رفي معنى كل لون . ماذا يمثل اللون الأخضر ؟ الأحمر ؟ الأبيض ؟ الأسود ؟ الأزرق؟ و ناقشنا بعض الشعارات و لماذا استخدم مصمموها هذا اللون بالذات . هذا يدل على أننا نرى كل يوم مئات الشعارات ، سواء شعارات سيارات في الشوارع أو مأكولات أو أجهزة كهربائية و لكننا لا نفهم كنهها أو لماذا خصيصاً هذا اللون . و لكنك عندما تعلم الحقيقة تبتسم ابتسامة خفيفة ، هذا ما فعلته بالظبط .

الجزء الثالث كان عبارة عن أخطاء شائعة يقع فيها المصممون ، ثم عرض بعض الشعارات الناجحة و كذلك عرض سريع لبعض الشعارات الرديئة لمخالفتها القواعد التي تحدثنا عنها في المحاضرة .

المحاضرة كانت ممتازة إلى حد كبير . حسن نعمان .. شكراً .

Wednesday, October 20, 2010

اليوم الحادي و العشرون : أسرانا


كثير من الناس يملكون البصر ، لكن يفقدون البصيرة أو يفتقدونها . و لو علموا ما في البصيرة لتمنوا لو يفقدون البصر في سبيل الحصول عليها " فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور " . إن انعدام البصر هو فقد حاسة العين لدورها لأي سبب كان سواء كان خللاً في شبكية العين أو غيره فهي أمور يتحدث فيها أهل الطب ، و فقدان البصيرة هي فقدان حاسة البصر القلبية ، فللقلب بصيرة يرى بها نور الحق فيدرك ظلام الباطل .

إذا كنت ممن يملكون البصيرة فسترى أن القيود التي في أيدي الأسرى إنما هي زينة كالسوار و ستررد :

أرى القيود زينةَ الرجال كالسوار
أرى الخضوع صفحة في معجم الصَّغار

موطن الكبار نشيد سمعته منذ زمن
يمكنك تحميله من هنا
لعله يساعدك على أن تكون بصيرا لا مبصراً و فقط

Tuesday, October 19, 2010

اليوم العشرون : خط الثلث


ليس فقط الإعجاز البلاغي و جمال منطوق الحروف هو المميز للغة العربية ، بل إن الخط الذي تكتب به تلك اللغة يعد من أخص خصائصها و من أبرز جمالياتها . فالخط العربي هو أجمل ثاني خط في العالم بعد الخط الذي تكتب به اللغة الصينية من الناحية الجمالية . يوجد أنواع كثيرة من الخط العربي بعضها انتشر و الباقي اندثر ، بقى منها ستة خطوط شهيرة هي النسخ و الرقعة و الديواني و الكوفي و الثلث و الفارسي ( التعليق / النستعليق ) ، بي شغف بالخط العربي ، أحب التأمل في لوحاته . كنت قد قررت الالتحاق بمدرسة تحسين الخطوط العربية ظنا مني أنها في الأجازة الدراسية حتى تبين لي أنها كالدراسة العادية لمدة أربع سنوات فعلمت أني لن أستطيع التوفيق بين الكلية و التدريب في مجال التصميم و الحضور لفصول مدرسة تحسين الخطوط ، فقررت الاكتفاء بالمطالعة في كتب الخط العربي .

استعرت كتابا من صديقي على عباس هو كتاب ( خط الثلث ) الكتاب من تأليف الأستاذ الخطاط فوزي سالم عفيفي و هو مدرس خط عربي و موجه تربوي و مؤسس لعدد من مدارس الخط بالجمهورية ، له العديد من الكتب القيمة في موضوع الخط العربي و الزخرفة . كنت قد قرأت له جزئين من أصل ثلاثة أجزاء في الزخرفة ، استمتعت بها كثيراً .

الكتاب مؤلف من قسمين رئيسين ، القسم الأول بحث عن تطور خط الثلث و جمالاته و وسائل تجويده و دراسة عن أساليب كتابته و طرائق تعليمه . أما القسم الثاني فهو بحث عن تشريح الأبجدية بالكتابة الثلثية . الخط الثلث يعتبر امتداد لخط النسخ و هة من أقوى الخطوط العربية مظهراً ، خط له هيبته حينما يظهر في النص بجوار الخطوط الأخرى .

أتركم الآن مع صور من الكتاب :











Monday, October 18, 2010

اليوم التاسع عشر : سأظل بجانبك .. لكن قم وحيداً


" يا محمد عش ما شئت فإنك ميت ، و أحبب من شئت فإنك مفارقه ، و اعمل ما شئت فإنك مجزي به "

اعذرني يا صديقي فسأخبرك بحقيقة . و الحقيقة كما نعلم جميعاً مؤلمة عند الصدمة الأولى و لكنها ما يلبث الألم حتى تخبو إذا تعاملت معه بقليل من الحكمة . صدقني إذا قلت لك أنك تعيش وحيداً و ستموت وحيداً و ستبعث وحيداً . رضي الله عنك يا أبا ذر .

تحدثنا في المقال السابق عن أن الإنسان يأنس بمن حوله و ربنا كان هذا أحد أسباب تلقيبه بـ " الإنسان " ، و يعتبر لقاء الأحباب و الأصحاب الذين يذكروننا بالله أحد متع الحياة التي كان يتحسّر الصالحون عليها عند موتهم . و لكن تظل الحقيقة المؤلمة هي أنك في النهاية تعيش وحيداً ، مهما كان عدد معارفك و مهما توغلت شبكة علاقاتك .. ستظل وحيداً . عليك دائما مواجهة الحياة وحدك ، تتحمل المسؤولية .. وحدك ، مسئولية نفسك .. وحدك ، مسئولية اختباراتك .. وحدك ، مسئولية حتى تفكيرك ، إذا لم تستطع أن تحل مشاكلك بنفسك فلن يحلها لك أحد ، ببساطة لأنك الوحيد الذي يستطيع حل مشاكلك ، من حولك يساعدونك ، يقدمون لك النصح و الإرشاد ، يعينونك ، يأخذون بيدك ، يربتون على كتفك ، و لكن في النهاية أنت الوحيد الذي سيفعلها !

من أساسيات التربية أن تزرع في الشخص حب التغيير للأفضل و الرغبة الصادقة و النية الفتية لذلك ، إذا اختل هذا المفهوم منذ البداية فسيترعرع في الحياة فيجد أن الحقوق تقل و الواجبات تزداد ، فيشعر بالزحام ، زحام الحياة ، سيظل عشر سنوات يحل في مشكلة واحدة شخصية و في النهاية يكون الفشل رفيقه .

إن فلسفة الدار الآخرة ، ربما تساعدنا على تخفيف الصدمة ، الصدمة التي لن ستطيهع أن يتحملها القائلون إن هي إلا حياتنا الدنيا و ما نحن بمبعوثين . إنه يحب زوجته و لكنه لا يستطيع أن يتخيل أنه لن يراها بعد الموت فكلاهما سيفنى و لن يعود ! إنه يحب صديقه و لكنه سيفارقه إلا ما لا نهاية ! كيف ؟ لا يا صديقي إن المؤمن الذي يستشعر فلسفة الدار الآخرة يطمئن قليلاً ، إنها عظمة الإسلام ، أن تلقى الرسول يوم القيامة فتخلدان سويا ، أن تسكن مع زوجتك فتخلدان سوياً و لكن بعيدأ عن هموم الدنيا . أن تعيش مع أولادك و أحفادك في قصر واحد . أن تفكر في صديقك فإذن هو بجوارك !

أشعر بمعنى حديث " المرء مع من أحب "
إنها فلسفة الدار الآخرة ، فلا حد يفرقنا و لا زمن يباعدنا ، في اللامكان و اللازمان ، يا الله ، سأراه مرة أخرى بعد الممات !

-

أعود فأقول ، مشاكلك لن يحلها أحد غيرك . عليك أن تتحمل مسئولية حياتك وحيداً لأنك ببساطة تعيش وحيداً و إن ازداد المحيطين بك يوما بعد يوم . ازرع في الناس حب الإصلاح و التغيير للأفضل حينها لا تخاف عليه من كلاليب الدنيا . كن رجلاً .. واجه مشاكلك و لا تهرب منها فلا بد من المواجهة فلم يعد هناك وقت للإنكار و الجميع الآن يقرّون !

سأظل بجانبك . و لكن عليك أن تواجهها وحدك .

في النهاية ، عزائي الوحيد أني ربما أكون معهم في دار الخلد ، إنها عظمة الإسلام في فلسفة الدار الآخرة . حينها فقط لن أكون وحيداً .

Sunday, October 17, 2010

اليوم الثامن عشر : علاقات عامة .. علاقات خاصة


سُمّي الإنسان إنساناً ربما لأنه ينسى ، و ربما لأنه يأنس بالناس و يأنس الناس به . فالإنسان لا يستطيع أن يعيش بمفرده ، سيصيبه الكآبه و الحزن و الضيق و الضجر . كم من صديق مر عليك و قال لك أشعر بضيق لنتمشى سوياً ، فإذا بالدقائق المعدودة التي قضيتها معه أزالت الغمة عن وجهه ، فهنيئا لك الثواب . و لكن بالطبع إمكانات كل واحد منا تختلف ، فالبعض عندما يدخل حفلة تجده قد تكونت حوله ما تشبه الدائرة و الابتسامة لا تفارق وجهه ، يسلم على هذا و يسأل عن أحوال ذاك و يطمئن على فلان و يهنيء فلان . و البعض ينزوي في أحد الأركان يرقب ببصره الحاضرين لعله يجد من يعرفه ، و إن لم يجد من يعرفه فسيظل وحيداً حتى نهاية الاحتفالية . و البعض تجده لا يريد أن يراه أحد يعرفه ! فهذا ينبغي عليه أن يبدأ في مخالطة الناس حتى لا يتطور معه الأمر و ينحى به تجاه ما يشبه العزلة فيفقد مهارات الاتصال بالآخرين ، بل أقول يفقد لذة مؤانسة الناس .

إن القاعدة الأولى في التعامل مع الناس هي " لا تخسر أحداً " مهما كانت ملته أو ديانته و أو اتجاهه السياسي أو الفكري أو ... أو ... أو ... . لا تخسر أحداً لأن الاختلاف سنة الحياة و التعايش ضرورة . فلو انغلق و انزوى كل أصحاب ملة او دين أو اتجاه على أنفسهم تحولت الدنيا إلى عداوة و بغضاء و كره . بالطبع سيكون من يتفق معك أقرب إليك ممن لا يتفق ، و لكن لا تخسر الآخرين . فربما يكون تعاملك معهم سبب تحسين صورة قومك تجاهه . لا تخسره حتى إذا ما فكر في العودة تكون أول من يخطر بباله فيرفع السماعة اتصالاً بك و سؤالا عليك . لا تخسره فإذا مر بضائقة كنت عوناً له راجيا الأجر و الثواب . أرجوك ، لا تخسر أحداً .

* هناك ملاحظات عامة - أخرى - احرص عليها عند التعامل مع الناس :

- تعامل مع الناس بتلقائية ، إياك و الاصطناع ، لا تبستم تلك الابتسامة الصفراء ، ابتسم لأنك سعيد ، ابتسم لأنك تريد أن تنشر السعادة بين الناس . فالبسمة صدقة .

- لا تبالغ في الاهتمام ، حتى لا تستثير حفيظة من أمامك و تثير كوامن العزة في نفسه فيشعر بك و كأنك تتصدق عليه ، و عندها سيتخذ قلبه تجاهك شعوراً آخر .

- كل علاقة بينك و بين أي إنسان ، خبرة مهمة لك في الحياة ، ستصقلك ، ستعلمك الكثير ، و لكن لا تجعل علاقتك تجربة . بمعنى آخر ستستفيد من أي علاقة و لكن لا تبني علاقة على أساس أنها تجربة . فالبعض يتعامل مع فلان لأنه أكبر منه سنا و هو يريد أن يثبت لنفسه أنه سيؤثر في من هو أكبر منه و يغيره ، دخل التجربة لأنه يريد أن يثبت لنفسه ، لا لشيء آخر ، خاب و خسر .

- احرص على التغذية الرجعية من أصدقائك ، فربما ينبهوك أن صوتك مرتفع قليلاً أو أن أسلوبك الفلاني يزعج الناس .

- امش في حاجة أخيك ، أخلص له النصيحة ، أهدي إليه عيوبه ، في شكل هدية جميلة فيسعد بالهدية قبل أن يحزن لعيوبه التي قدمتها له فيها .

- لا تعامل الناس بالمثل سواء بالإحسان أو الإساءة ، إنه مبدأ فاشل في العلاقات البشرية فـ " ليس الواصل بالمكافيء " . تعامل مع الناس بمبدئك الشخصي و لا تتعامل معهم بالمثل .

أحب الخير للعالم / و أحب أسعد بني آدم / و أحب الناس تحب الناس / و لا مظلوم و لا ظالم / أحب الخير للعالم

اليوم التاسع و العشرون : تسلم و يسلم صوتك


تسلم و يسلم صوتك
و تسلم كلمة حق فى قلبك
قلتها ومخليتهاش جمبك
تحت هدومك .. تحت فانلّة .. تحت الجلد .. جوه فى قلبك
يسلم واحد قال الحق
وقال عمرى ما هسكت ولا هنذل
ولا أشوف أهلى بتنذل
وعمر ميزان العدل ف قلبى هيختل

اسمعو يا ولاد الكلب يا حراميه
ياللى بعتو بلادنا
وضحكتو علينا بأغنية
و مخلتوش لينا حاجه غير الطعميه
فاكرين الناس هفيّه ؟
والظلم عندكو ده تمن الهدية
انسو و فوقو
دى بلدنا بلد إسلامية
و دينا دين راسه عليّه
واعرفو إن فيه رب و فيه حساب
وإن بعد الظلم عذاب
وكل حاجه مكتوبة ف كتاب
يوم القيامه و فيه حساب
و اعرفو إن للمولى عباد
بتعمل لجلالته مش للعباد
والللى معاه المولى ما يخاف غير المولى
و تنفتح على إيده بلاد
و يا فرد يا مؤمن يا مآمن بجنه و نار
متسكتش عن الظلم وخاف من الجبار
ومتخفش من نار الدنيا
دي مش نار

شعر : خالد شاهين

Friday, October 15, 2010

اليوم السابع عشر : يا صاحبي قوم


يا صاحبي .. قوم
فتح عنيك
شوف الى ضاع .. شوف بين اديك
شيل السحابة .. شوف الغلابة
شوف الى أكله من الخرابة
و الى شكله يجيب كآبة
لا حلمه لحمة ولا جوز حمام
و لا عمره شاف شكل النعام
كل الى نفسه لقمة .. حاف
من غير غموس
أما العروس ..
فدي يا صاحبي كانت ف يوم م الأمنيات
وبقت يا صاحبي .. نكتة سقيلة
تزيد آهات
........
مبقتش أشوف ..
مبقتش أشوف يا صاحبي غير الغلابة .. الشقيانين
من كترهم .. مترميين ..
مترميين يا صاحبي ف كل حارة
مستنيين .. تحت العُمارة
حاجة لرب العالمين
مبقتش أشوف ..
مبقتش أشوف غير الغلابة المظلومين
مترميين .. تحت الجزم
زي الرمم .. دول متباعين
دول متباعين يا صاحبي و الله بدون تمن
.....
وأنت يا صاحبي ..
وانت يا صاحبي .. محتار
محتار يكون للصبغة لون الموت و لا لون العار
و الكرسي يتحسر على حاله و محتاله
يصرخ يقول .. دا انا كنت والله الرمز ..
رمز الشرف .. قالوا
والله دا أنت الرمز .. رمز القرف .. حالُه
.....
مبقتش أشوف يا صاحبي غير ..
غيرالغلابة المدبوحين
وأنا يا صاحبي .. فيهم .. زيهم .. منهم .
وأقولك في ودنك كلمتين .. يا صاحبي .. أنا ..
أنا أموت بالعز .. أموت أنا ..
ولا ف يوم أبوس جزم الجزم
يا صاحبي .. قوم

Thursday, October 14, 2010

اليوم السادس عشر : لعلنا نفهمه كما فهموه


لقد كان لكل رسول معجزة ، و كانت اامعجزة - كما تعلمون - من جنس ما أبدع فيه قومه ، من جنس تخصصهم لا لشيء إلا ليخبرهم بأنهم إذا ظنوا أنهم وصلوا إلى الكمال البشري في ذلك المجال ، فتلك المعجزة قد تخطت الحدود البشرية لأنها قادمة من لدن إلهي لا تحده قدرات البشر ، بل هو خالق قدرات البشر ، فتخبت له قلوبهم فيؤمنوا به طوعاً لا كرهاً .

فجاءت معجزة موسى الرئيسية تحوّل العصا إلى ثعبان مبين في فعل يشبه السحر ، فقوم موسى كانوا سحرة مهرة . و جاءت معجزة المسيح بإبراء الأكمه و الأبرص و إحياء الموتى بإذن الله ، فقوم عيسى كانوا أطباء مهرة ، وجاءت معجزة النبي الخاتم محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم ، فكانت القرآن الكريم ، كلام الله المعجز في بلاغته ، بل في كل ما فيه ، لأن العرب كانوا فحول الشعراء ، فقد بلغوا في اللغة و التعبير و البيان و الإفصاح شأواً بعيداً ، فجاء القرآن ليسمعوه فتذبهل العقول ، فتشخص أبصارهم ولا يرتد إليهم طرفهم !

فالمشركون في ذلك الحين عرفوا معنى " بلاغة القرآن " لأنهم فهموا اللغة و أتقنوا أدواتها ، أما نحن فوصلنا في انحطاط اللغة العربية إلى ما يحزن ، و الانحطاط في اطراد . و المتتبع لمسيرة الشعر - خصوصاً - من الشعر الجاهلي إلى الشعر الحديث إلى الشعر العامّي - إن جاز تسميته شعراً - يجد الفرق المهول . فبعد أن كان امرؤ القيس يقول " قفا نبك من ذكرى حبيب و منزل / بسقط اللوى بين الدخول فحومل " جاء أحد الشعراء و قال " أنا مش خرونج / أنا كينج كونج / ده أنا و أنا رابط إيدي بلعب بينج بونج " ليرينا مهاراته في اللغة قبل مهارته في البينج بونج .

و لكني و أنا أقرأ كتاب " التصوير الفني في القرآن الكريم " للشهيد سيد قطب . شعرت بشيء من تلك البلاغة . من ذلك الجمال الفني في القرآن ، وعلمت لماذا القرآن كان سببا مباشراً في إسلام الكثيرين ، أما الآن فأنت تحتاج لحجة و برهان و منطق عقلي من كلام البشر لكي يستمع إليك الناس أساساً فضلا عن أن يقبلوا الكلام أو يرفضوه .

أترككم الآن مع مقتطف اقتطفته من الكتاب فكان كأطيب الثمر :

قد يستقل لفظ واحد - لا عبارة كاملة - برسم صورة شاخصة - لا بمجرد المساعدة على إكمال معالم صورة - . و هذه خطوة أخرى في تناسق التصوير ، أبعد من الخطوة الأولى ، و أقرب إلى قمة جديدة في التناسق . خطوة يزيد من قيمتها أن لفظا مفرداً هو الذي يرسم الصورة، تارة بجرسه الذي يلقيه في الأذن ، و تارة بظله الذي يلقيه في الخيال ، و تارة بالجرس و الظل جميعاً .

تسمع الأذن كلمة " اثّاقلتم " في قوله : " يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثّاقلتم إلى الأرض " فيتصور الخيال ذلك الجسم المثّاقل ، يرفعه الرافعون في جهد ، فيسقط من أيديهم في ثقل ، إن في هذه الكلمة " طنّاً " على الأقل من الأثقال ! و لو أنك قلت : تثاقلتم ، لخف الجرس ، و لضاع الأثر المنشود ، و لتوارت الصورة المطلوبة التي رسمها هذا اللفظ ، و استقل برسمها .

و تقرأ " و إن منكم لمن ليُبَطّئن " فترتسم صورة التبطئة في جرس العبارة كلها - و في جرس " لَيُبَطِّئَن" خاصة ، و إن اللسان ليكاد يتعثّر ، و هو يتخبط فيها ، حتى يصل ببطء إلى نهايتها !

و تتلو حكاية قول هود " أرأيتم إن كنت على بينة من ربي و آتاني رحمة من عنده فعُمِّيت عليكم أنُلزِمُكُمُوهَا و أنتم لها كارهون " فتحس أن كلمة " أنُلزمكُمُوها " تصور جو الإكراه بإدماج كل هذه الضمائر في النطق ، و شد بعضها إلى بعض ، كما يدمج الكارهون مع ما يكرهون ، و يشدون إله و هم نافرون !


انتهى كلامه رحمه الله . الكتاب مهم جداً لمحبي اللغة العربية ، فهو يتكلم عن أن التصوير الفني هو الأسلوب المفضل في القرآن في السرد و التخييل الحسي و التجسيم بعيداً عن البعد الإيماني و التفسيري للآيات ، سيكون ممتعاً لمحبي الأدب عموماً ، لتعود فتقرأ قرآنا آخر غير الذي كنا نقرأه .


Wednesday, October 13, 2010

اليوم الخامس عشر : أفلا يعقلون

أفلا يعقلون هو فيلم قصير ، مشروع تخرج أحد الطلبة في معهد السينما العالي ، صراحة لا أملك أية معلومات تقريباً عن المشروع و لم أجد جودة افضل من تلك على الشبكة العنكبوتية و لكن الفيلم يستحق المشاهدة ، يحمل فكرة جميلة جداً ، و الموسيقى التصويرية رائعة . أتمنى لكم مشاهدة ممتعة .





Tuesday, October 12, 2010

اليوم الرابع عشر : الأفكار و الأشخاص


بدايةً الفكرة في هذا المقال معقدة بعض الشيء ، فأرجو أن تسامحوني إن فارقني الترتيب أو
الاطمئنان في الكتابة . المقال يحتوي على فكرتين رئيسيتين :
1. الأفكار أم الأشخاص ؟
2. ضريبة اعتناق فكرة .

قرأت اليوم في جريدة الشروق مقال معتز بالله عبد الفتاح أثار في نفسي الموضوع

أرى علاقة حميمة بين عالم الأفكار و عالم الأشخاص - كما يسميهم مالك بن نبي - ، أو ببساطة بين الفكرة و حاملها ، ننظر للفكرة أم للشخص بصفته حاملا و مجسدا لها في نموذج بشري ؟ نغمض أعيننا و نسمع القول ، أم نصم آذاننا و ننظر للقائل و سلوكه ؟ اختلفت الآراء و احتمد السجال في هذه القضية . فمنهم من قال إن الأفكار تظل حبراً على ورق ، و خواطر في العقول حتى تتحول إلى حركة بشرية فحينها ننظر لذلك البشري في حركته لنرى صلاحية تطبيق الفكرة المثالية في أرض الواقع في مثال بشري يخطيء و يصيب لا سيما إذا كان ذلك البشري ليس واحداً بل مجموعة كبيرة من الناس - كالمسلمين كلهم على سبيل المثال - . و منهم من قال لا ننظر للأشخاص بتاتاً لأنهم ببساطة بشر لهم شهواتهم الحسية و زلاتهم الدنيوية كما لهم خواطرهم الملائكية و آراؤهم الروحية تماماً التي يتشدقون بها علينا .

الأمر معقد بعض الشيء ، فللأسف قلة قليلة من الناس من تنظر للأفكار و المباديء مجردة دون أن تنظر لمعتنقيها ، أو دون أن تكون في عقلها سابق تجربة مع حملة المباديء تساهم بشكل كبير في تكوين فكرة عن المبدأ كثر منها عن حامله ، و تكون الطامة الكبرى إذا كان حامل المبدأ لا يدرك أن عليه ضريبة كضريبة المبيعات تماما - سنشير لها في آخر المقال - ، فتكون عوناً للشخص العادي على رفض الفكرة بالكلية ، و منهم من قال لا حرج في أخذ الفكرة من أشخاص فقد قال تعالى : " فاسألوا أهل اذ1كر إن كنتم لا تعلمون " ففي النهاية أهل الذكر لهم مرتبة معينة ، تدركها حينما تنظر و تتعمق في حياة أهل الفقه ، خصوصاً إذا كان أمرا اجتهاديا و خلت المسألة من نص قاطع الدلالة قاطع الثبوت ، فيكون كل حرف خرج من فم الفقيه له وزن و مقدار . و يؤكدوا قولهم بألا تقرأ في كتب الأفكار المنحرفة - من وجهة نظرهم طبعاً - لأن عقلك قد يتشكك و يلتبس الحق بالباطل . فعليك بعالم ( تثق فيه ) و ضع إن شئت خطوطا كثيرة تحت ( تثق فيه ) حيث إنها دلت في النهاية على ان للفرد نوع من القدسية ، إن لم تكن أغلب الأهمية قبل حتى سماع رأيه ، معضداً قوله بأن عامة الناس لا تملك القدرة على الحكم على القول بعيداً عن قائله . تجد أيضاً من يقول أن هذا رأي فلان ، فتخشع الأصوات فلا تسمع حتى همساً انتظاراً لقول فلان - لأن فلان رجل ثقة - فتتخلل القلوب العظمة و السكينة قبل حتى سماع الرأي الذي غالباً لن تعمل عقلها فيه لأنه و بعد سماع كلمة - فلان - انشرح الصدر بأن القادم هو القول البتة ، أو هو القول الفصل ، اليقين المطلق الذي لا شك بعده . يؤيد كلامه كذلك بأن فلانا أعمل عقله فصار شيعياً بعد سفره الأخير لإيران ، بعد أن كان سنيا لا لشيء إلا أنه أصغى لقول ذلك الرافضي . فهو لا يستطيع أن يزن بعقله تلك الأمور ، فيجب ترك الأمر من البداية و الانغلاق على ذلك الرجل ( الثقة ) فيكفيك من خرج من فيه . إنه الحق يا فتى القوم !

الأمر الخطير أن العقل حينها - حين إعطاء قدسية للفرد أكثر مما ينبغي - فإنها ترفض النقد لأفكار ذلك الشخص و ترفض التشكيك في كلامه . فتجده يستنكر عليك كيف تتكلم عن - فلان - و فلان هذا بشر لي سبمعصوم و لكن الحقيقة أنه عامل نفسي ، فهو يخشى هدم فكرة واحدة من أفكار الشخصية المقدسة ، فيتيقن حينها أنه من الممكن هدم فكرة أخرى ، و هكذا فربما يتبين في النهاية خطأ المنهج ككل . تخيّل ؟ أكاد أجزم بان هذه مشكلة كثير من الاتجاهات الدينية بالذات ، لأن القدسية أمر حياة أو موت ، جنة أو نار . لا حول و لا قوة إلا بالله .

البعض الآخر قال " ربنا عرفوه بالعقل " فلك كامل الحرية في الاطلاع و القراءة و سماع هذا و ذاك ، فالله أعطاك عقلا و سيحاسبك على اختيارك ، إن الله - سبحانه - يعلم أنك تستطيع أن تصل للحقيقة بهذا العقل ، فهو سبحانه لن يحاسبنا على شيء يعلم أننا لا نستطيع أن نفعله لأنه سبحانه " لا يظلم مثقال ذرة و إن تك حسنة يضاعفها و يؤت من لدنه أجرا عظيماً " ، العقل له قدسية لا شك فهو ما يميز الإنسان عن الحيوان ، لذلك قالوا لا تكن حيوانا و أطلع لإنسانيتك العنان . و لن تضل طالما كنت متجردا و منصفا فلابد و أن يحصحص أمامك الحق حصحصة ما بعدها حصحصة ! اقرأ لمن تريد في الوقت الذي تريد و عقلك يستطيع الحكم و لا بأس من الاستعانة بممن تثق في رأيهم و لكن بدون أدنى قدسية .

البعض أيضا قال انظر لما تشاء و لكن بعد أن تكوّن قاعدة ثقافية إسلامية فتصبح جبلا راسيا لا تهزك الرياح الخبيثة ، و لكن تظهر المشكلة الأخرى ، من يحدد حد تلك القاعدة فيقول لك : اذهب و ابحث فلن تضارّ ؟

للأسف لست متعمقاً بما يكفي في المذهب الشيعي و لكني أعتقد أن تلك النقطة - قدسية الأفكار تبعاً لقدسية الأشخاص - تتبدى أكثر ما تتبدى في مذهبهمالي يؤمن بما يسمى ولاية الفقيه .

-

إذا جازفنا و قلنا أن للفكرة و للأشخاص شيء من القداسة ، فلابد و أن نعلم أن لكل شيء في الحياة ضريبة ، فالالتزام بمنهج معين أو دين معين يفرض عليك ضريبة ربما لا يشعر بها بعضنا ، ضريبة تجاه الفكرة قبل ضريبة التزامك بالفكرة ، إن المسلم الذي يعيش في لندن عليه ضريبة بالغة ، فهو ممثل الإسلام - مع أنه شخص بشري يخطأ و يصيب - إلا أنه بالنسبة لهم ممثل الإسلام ، إسلام يمشي على الأرض ، إذا أدرك ذلك ستختلف أفعاله كلياً - ليس اصطناعاً و لا تظاهراً - بل لأنه أدرك حجم المسئولية على عاتقه . نفهم أكثر إذا سمعنا - أقصد تدبرنا - قوله تعالى : " يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين " لماذا يضاعف لها العذاب ضعفين ؟ لأنهن " لستن كأحد من النساء " . حينها سنفهم قول الرسول - صلى الله عليه و سلم - : "إن منكم لمنفّرين " .

Monday, October 11, 2010

اليوم الثالث عشر : زمن الكوسة في أرض المحروسة


أن تبحث في " جوجل صور " عن كلمة " كوسة " فتجد في النتائج صورة لعلم مصر، أمر عجيب !

أحب مصر و أتمنى أن تصبح أفضل بلد في الدنيا ، فهي تستحق ذلك ، سواء بمواردها و خيراتها التي ما لبثت يتم سرقتها منذ أمد بعيد و هي صامدة صمود الجبال أو بأبنائها الذين أوصى الرسول - صلى الله عليه و سلم - فيهم بأن يتخذ منهم جنداً كثيفا فهم خير أجناد الأرض ، تبكي و لكن بدون صوت ، تتسارع نبضات قلبها فتخشى أن يرتفع صوت ارتجاج قلبها ليفضح ارتباكها و حزنها و ضيقها و كمدها ، اللهم إني أعوذ بك من الهم و الحزن ، تكتم نحيبها و أزيز صدرها و تكتفي بدموع حارة تجري على الخدين فتحفر فيها خطان أسودان ، لم تضحك مصر منذ زمن ، و إن كان تاريخها لا يخلو من بعض الضحكات الصفراء مجاملة لأبنائها في مباراة كرة هنا أو فوز بكأس هناك ، ضحكة صفراء مصطنعة أعرفها جيداً . تتجمّل لزوارها من السائحين القادمين من الخارج ، و لكن تجملها يفضحها ندية لم يخفيها المكياج المصطنع ، و هنا " سحلة " من أحد أفراد الأمن المركزي ، و هنا ضربة من ظابط شرطة ، و هنا طعنة غائرة من أحد الخونة .

إلى أن ينتهي زمن الكوسة و يعود العدل و الحق و الحرية
نرفض الكوسة .. أكثر من أي وقت مضى

قالوا لي : بتحب مصر
قلت : مش قادر !
يا مصر ابنك في بطنك
بس خانقاه خنق






Sunday, October 10, 2010

اليوم الثاني عشر : التغيير



أجلس وحيداً ، أتساءل عنهم ، عن حسن البنا ، عن مالكوم إكس ، عن جيفارا ، عن غاندي ، عن الخميني ، عن أحمد ياسين ، بالطبع اختلفت تجربة كل منهم - أعرف بعضها و البعض لا أعرفه - ، و ختلفت كذلك اتجاهاتهم . لكن كلهم اشتركوا في أنهم آمنوا بأنفسهم ، علموا أنهم يستطيعون ، علموا أن الإنسان طاقة جبارة ، أن الإنسان رغم ضعف بنيته الجسمانية إلا أنه يملك عزما و إرادة أقوى مم يتخيل هو ذاته . لقد صنعوا الفارق و ستظل الإنسانية ما بقيت تذكرهم بخير .

الإنسان طاقة جبارة .. بددت في خسارة . فلا يوجد إنسان ضعيف و لكن يوجد إنسان يجهل مصدر قوته .

مصر الآن على صفيح ساخن و التغيير قادم لا محالة - إن عاجلا أم آجلاً - الحكومة المصرية تريده بعيداً و نراه قريبا ، رغم ما نراه في واقع حياتنا المصرية من تدهور لمنظومة التعليم - العالي أو الأساسي - ، ارتفاع الأسعار ( الطماطم قفزت من جنيه واحد إلى عشرة جنيهات ! ) ، تصدير الغاز لإسرائيل - بالمجان تقريباً - حتى و إن تسبب ذلك في أزمة كهرباء ربما تتفاقم الصيف القادم ، التوريث الذي يتحدث عنه الجميع ، تزوير إرادة الشعب ، رغم كل ذلك إلا أن التغيير قادم ، لكن الأهم من قدوم التغيير نفسه هو هل سنكون سببا مباشراً أو حتى غير مباشر في ذلك التغيير ؟ إن الذي سيؤمن بنفسه و بقدرته و بقوته هو الذي سيحدث ذلك التغيير ، أما المتخاذلين المتشائمين المتكاسلين القائلين : لا فائدة . فسيظلون قابعين في حجورهم وسط تلك الرائحة النتنة ، رائحة الفساد ، رائحة الاستبداد السياسي ، و ما أقبحها لعنها الله من رائحة ، حتى إذا جاء التغيير قالوا : يا ليتنا كنا معهم فنفوز فوزا عظيما .

لا تقبل أن تكون عادياً ، تعيش حياة عادية و تموت ميتة عادية ، بل ربما جاهلية . كن ممن سيصنعون الفارق .
Change we can believe in .

-

شارك في التغيير .، وقّع على بيان التغيير .. بيان المطالب السبعة
www.tawkatonline.com