Thursday, June 25, 2009

رموز بمثابة الثوابت


الله سبحانه و تعالى هو من خلقنا و رزقنا و أنزل إلينا الدين الإسلامي لكي نعبده ، لذلك فهو " القدّوس " أي له قدسية خاصة في قلب كل مسلم . و لكي يصل الدين إلينا بتشريعاته و أحكامه المختلفة فقد أرسل الله الرسل و أنزل عليهم الكتب السماوية لذلك فالكتب السماوية كتب مقدسة و الرسل لهم قدسية كذلك . هذا لا خلاف عليه بين المسلمين ، ما أؤمن به شخصيا أن هناك رموز يجب أن يكون لهم مكانة من صميم الدين مع أنه لم يتم النص عليهم من قبل الشارع و لا من قبل رسوله . مثال على ذلك الإماما البخاري صاحب أصح الكتب بعد القرآن الكريم و هو صحيح البخاري ، الإمام البخاري يعتبر من أهم موز الدين الإسلامي مع أنه ليس هناك نص ينص يشير إلى فضل الإمام البخاري أو حتى في فضل كتاب صحيح البخاري و مع ذلك فإننا كمسلمون لا نقبل أي نوع من التشكيك أو الطعن في الإمام البخاري لأن المشكلة ليست في الطعن ذاته و لكن المشكلة أنه لو تزعزت مكانة البخاري فإن صحيح البخاري خده و ارميه في أقرب خرابة و ما سينتج عن ذلك من التشكيك في صحة الأحاديث التي ينبني عليها كثير من أحكام الدين و لذلك فإن البخاري له مكانة خاصة في قلب كل مسلم و لهذا فإن الشيعة إذا ما ناقشك أحدهم - عن تجربة - ستجده يلعب على تلك النقطة و سيحاول أن يزعزع مكانة البخاري و سيقول لك إنه كتم أحاديث وردت في فضل أهل البيت لذلك فكتاب صحيح البخاري لا يساوي عند الشيعة جناح بعوضة ، هناك رموز آخرين كذلك من أعمدة الدين كالأئمة الأربعة و الخلفاء الراشدين و صحابة رسول الله و أهل بدر و هم بمثابة ثوابت في ديننا . هذا ليس الموضوع الاصلي للمقال و لكنها مقدمة احتجناها لترسيخ بعض المفاهيم .
-
كثيرا ما كان يزعجني أني أنتمي لجماعة لا تحظى رموزها بتلك الشعبية ، أتحدث هنا عن الرموز الدينيةو ليس السياسية . بمعنى أنك إن سألت أي مواطن مصري بسيط عن أشهر الشيوخ الذين يعرفهم و أقربهم إلى قلبه سيذكر لك مباشرة الشيخ محمد حسان و الشيخ محمد حسين يعقوب و الشيخ محمود المصري و الشيخ أبو إسحاق الحويني ، بمالناسبة أنا أحب أولئك الشيوخ .. حقا أحبهم و إن حاول أحدالإخوة الاستهزاء بهم فهذا مما لا أستسيغه شخصيا لأنهم و إن أخطؤوا فهم علماء و لهم حقهم و فضلهم و كما تعلمنا قديما أن لحوم العلماء مسمومة . و لكن إن بحثنا ننحن عن الرموزالدينية للجماعة ستجد أشهرهم الدكتور يوسف القرضاوي و الشيخ وجدي غنيم و الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل ، بالنسبة للشيخ القرضاوي فلن تجده معلوما عند عامة الناس إلا اللهم الشباب المهتم بالقراء لا سيما في المجالات الفكرية حتى و إن كانوا من خارج الجماعة و هم بالمناسبة نسبة ضئيلة مقارنة بمن يعرفون الشيخ محمد حسان مثلا . قد يرجع هذا إلى أن الدكتورالقرضاوي مقيم إقامة شبه دائمة في قطر ، أما بالنسبة للشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل فهذا الرجل له معزّة و مكانة خاصة عندي و قد فوجئت تماما عندما علمت أنه ينتمي للإخوان بل إنه كان أحدالمرشحين لعضوية مجلس الشعب في انتخابات 2005 و هو للأسف غير معروف عند كثير من الناس مع إنه يظهر على القنوات الفضائية الدينية كقناة الناس . أما الشيخ وجدي غنيم فهذا الرجل لم أر مثله ينطبق عليه " لا يخاف في الله لومة لائم " و لكنه كذلك غير معروف بالنسبة المرجوة و قد يرجع ذلك أيضا إلى محاربته أينما ذهب و هذا ما سنناقشه عند مناقشة أسباب تلك الظاهرة ، نقطة أخرى و هي الغاية من المقال أو النقطة الخطيرة التي تترتب على تلك الظاهرة ألا و هي أنك طالما تنتمي لجماعة تتبنّى فكر معين و فهم معين للإسلام فإنك تخضع لظروف خاصة قد لا يشعر بها و لا يراعيها من هم خارج الجماعة و بالتالي استنادا لتك الظروف فإنه لابد و أن يكون لك " فتاويك " الخاصة بظروف عمل الجماعة تعتمد على الزمان و المكان و الظروف لا سيما إذا كان هناك من يحاربك من بني جلدتك ، أعتقد أنه لا أحد يخالفني على النقطة السابقة . و من المؤكد أن تلك الفتاوى لن يطلقها إلا علماء الجماعة لأنهم هم الأعلم بالظروف ، هذا أيضا أعتقد أنه لن يخالفني أحد فيه . المشكلة تكمن في أنه إذا كان علماؤك أو رموزك الدينية لا يحظون بشعبية عند الناس فهذا سيؤثر في ثقة الناس فيك و ما زادالطين بلّة أن العلماء الذين يحظون بشعبية عند الناس و هم علماء السلفية و قد ذكرناهم - أفضل تسميتهم مجموعة السلفيين و ليس جماعة السلفية لأن الجماعة لها شروطها الخاصة - للأسف يكذّبون كلامك أو يطلقون فتاوى في الاتجاه المعاكس قد تناسب ظروفهم هم و لا تناسب ظروفنا . و بالتالي هذا سيشوّه صورتك و سيزعزع ثقة الناس فيك . و أنت كذلك لا تستطيع أن تخرج على الملأ و تخطّيء أحدهم أو تقول أنه ينقصه الرؤيةالكاملة للصورة لأن هذا مما لن يقبله منك الشعب أساسا لأن الشعب يحبهم و يثق فيهم حتى و لو كان من تحدثه " صايع " و يمثل الحشيش بالنسبة له وجبة مفضّلة . بالتأكيد هذه الظاهرة لها أسباب منها أن ' أمل الدولة ' يترك لهؤلاء الشيوخ مساحة كبيرة على الفضائيات لأنه يعرف مسبقا المواضيع التي سيتحدثون فيها و هي لا تضرهم في شيء و لن تقض مضاجعهم و قد يكون ذلك لكي' يغطّوا' عليك - مع العلم أنهم يتعرضون لبعض التضييقات أحيانا * - في حين أن رموزك يتم منعهم و مضايقتهم بأسلوب عنيف مما يسبب البُعد النسبي عن وسائل الإعلام المختلفة . أمر آخر و هو أن رموزك الدينية يتبنون - كما تتبنى أنت - فكر شامل للإسلام مما يدفعهم أحيانا للدخول في السياسة و الخوض في أمور تضايق الطاغية مما يدفع أصحاب القلوب الضعيفة و من يفضلون الجلوس في المكيفات و لا يريدون المشاكل و يريدون تربية العيال - و يا ريتهم بيربوهم - ما يدفع كل هؤلاء إلى الابتعاد عن الالتفاف حولك و مؤازتك و الانصراف عنك إلى من لا يتكلمون إلا عن الخوف و الرجاء و فضل البكاء من خشية الله و ما شابه - و هي أمور مطلوبة بل هي صميم الدين و لكنها وحدها لا تكفي - حيث إن الالتزام في هذه الحالة التزام سهل جدا و لا يعدو على مدى قيامك بالشعائر التطبيقية البحتة و لا يهم من يحكم و هل يحكم بالشرع أو بغيره و لا يهم انتخابات و لا يهم تعديلات و لا يهم اعتداءات على بلدان إسلامية مجاورة و نكتفي بالدعاء و هذا ما يحزنني كثيرا و هو إسلام مبيعوّرش .

* أؤمن أن كل من يتكلم و يدعو للحق تتم محاربته و التضييق عليه و لكن كل بحسب أخذه نسبة من الحق الكامل بمعنى أنك إن أخذت جزء من الإسلام و تركت الباقي ستتم محاربتك كذلك و لكنها مضايقات لا تذكر مقارنة بالمضايقات التي يتعرض لها من أخذ الإسلام كاملا . مثال على ذلك ما يحدث مع الأستاذ عمرو خالد من تضييق يتكرر من حين لآخر مع أنه تقريبا لا يتكلم في أي شيء له علاقة بالسياسة و لكنهم وجدوا أنه رجل محبوب و مؤثر في الشباب و هم الشريعة اتي يخشونها دائما فاضطروا للتضييق عليه .

1 comment:

  1. المشكلة والسبب فى مقال واحد

    اذن ما الحل ؟؟

    ReplyDelete