Thursday, November 4, 2010

اليوم الثامن و العشرون : أَسْلَمْتُ


كلمة الإسلام كلمة بسيطة ، لكننا في العصر الحديث و مع كمية المصطلحات و الدلالات التي نسمعها كل يوم أصبحنا نحتاج يوماً بعد يوم لأن نفهم الإسلام مرة أخرى و نسمع و نقرأ ما قاله المججدون عن الإسلام ، فالتجديد الإسلامي له أهمية بالغة تكمن في كون الإسلام دين صالح لكل زمان و مكان ، و بالتالي أصبحنا نبحث في أقطارالأرض عن العالم الذي نستقي من فيه كلمة عن الإسلام ، لندرك حقيقة بل عظمة هذا الدين الذي ظلمناه كثيراً .

إن المتأمل للنصرانية و اليهودية يدرك شيئا من تلك العظمة . اليهودية كانت تمثل الجانب الدنيوي من مسيرة الحياة ( لا أقصد بالحياة هنا الحياةالدنيا ، بل أقصدك مسيرة الحياة بداية من الخلق و انتهاء بالخلود في الجنة أو النار ) فهبطت بصورة الإله لدرجة قد تصل بالإله لصورة مشينة تجعل البشري يصارعه بل و ينتصر عليه في أحيان أخرى تأثرا ببعض الرؤى الرومانية كما ذكر يوسف زيدان في كتابه اللاهوت العربي ، فكانت اليهودية تدعو إلى ممكلة ( الآن ، هنا ) دعوة سريعة للمجد و الانتصار ( الآن ) متغافلة أو متنساية الآخرة ، بل هي في الدنيا ( هنا ) و بذلك كانت أحد القطبين . جاءت النصرانية المحرفة لتمثل القطب الآخر تماماً ، فجاءت دين الحب و السلام ، دين الخلاص الداخلي ، لا تهتم بأمور الدنيا بل وجدنا فيها الرهبة و العزلة و الانقطاع لخدمة الرب و العبادة ، و الزهد بعيداً عن ترف الدنيا أو حتى المستوى المعقول منها ، تعارض العلم بل تقتل العلماء أحيانا بتهمة الهرطقة و مخالفة النصوص الدينية . يقول المسيح " مملكتي ليست من هذا العالم " في دعوة منه للنظر للآخرة و نكران الدنيا .

تلكم النظرة السريعة على اليهودية و النصرانية ندرك معنى الإسلام كدين وسطي ( بين النظرة المادية للحباة و النظرة الروحية الخالصة ) . و نتيجة لذلك اتهمه المؤمنون باليهودية بأنه دين ميتافيزيقي يدعو لجنة الخلد متجاهلاً مملكة الدنيا التي يسعون لها . و اتهمه المؤمنون بالنصرانية بأنه دين ترك مهمته الأساسية من حقيقته الصوفيه و تطهير الأرواح و النفوس و نشر المحبة و السلام و أصبح دينا لصيقا بالدنيا ، مختلطا بالمجتمع . و الإسلام من كل هذا براء . فهو ينتظم شئون الحياة جميعها بهدف أسمى و هو الخلود في الجنان . و تلك علامة صحة فالمعتدل دائما ما تنهال عليه الاتهامات من الطرفين المقصر و المغالي كليهما .

لقد خلق الله الإنسان لهدفين رئيسين نستطيع أن نجملهما في قوله تعالى " و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون " العبادة بمعناها الواسع ، ليس الشعائر فقط كما يحصرها البعض ، بل كل عمل يفعله الإنسان ينوي به تحصيل رضا الله و ثوابه ، شعيرة كان أو عادة أو عمل أو تحصيل علم أو ... أو ... أو ... . أما الهدف الثاني من قوله تعالى " إني جاعل في الأرض خليفة " أنت خليفة ! كلنا خليفة ! إن دور الخليفة بالطبع لا ينحصر في دور العبادة ، لا ينحصر في الخنادف و الجحور التي نحصر نفسنا فيها . دور الخليفة هو إعمار الأرض . و حينما فهم المسلمون الأوائل ذلك تقدموا في شتى العلوم و اخترعوا اختراعات عجيبة يجهلها كثير من المسلمين ( راجع البرنامج الرائع "خواطر 6" لـ "أحمد الشقيري" و الذي كان يعرض في رمضان على شاشة قناة الرسالة ) .

من تلكم الآيتين نفهم دور المسلم في الحياة . فهو عبد و خليفة بكل ما تعنيهما الكلمتين من معنى . نجد كثير من الأحاديث و الآيات و المواقف توضح تلك الحقيقة ، " إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ " [فاطر] ، " و ابتغِ فيما آتاك اللهُ الدارَ الآخرةَ و لا تنْسَ نَصيبكَ من الدنيا " [القصص] ، " فإذا قُضِيَت الصلاة فانتشروا في الأرض و ابتغوا من فضل الله و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون " [الجمعة]، " هو الذي جعل لكم الأرض ذَلولاً فامشوا في مناكبها و كُلُوا من رزقه و إليه النشور " [الملك] ، " أنتم أعلم بأمور دنياكم " ، " من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع " ، " المؤمن الذي يخالط الناس و يصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس و لا يصبر على أذاهم " ، " أما أنا فأصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتى فليس مني " ، " نعم المال الصالح للعبد الصالح " .

الإسلام دين رباني ، وسطي ، واقعي ، شامل ، صالح لكل زمان و مكان ، ينتظم شئون الحياة جميعاً . يا له من دين لو أن له رجال . و لا حول ولا قوة إلا بالله .

-

المراجع للاستزادة :

1. الإسلام بين الشرق و الغرب - علي عزت بيجوفيتش
2. اللاهوت العربي - يوسف زيدان
3. خصائص التصور الإسلامي و مقوماته - سيد قطب
4. مدخل لمعرفة الإسلام - يوسف القرضاوي
5. الإسلام .. ما هو ؟ - مصطفى محمود

2 comments:

  1. ببساطة

    تدوينة رائعة

    نسلم ايدك يا انس

    ReplyDelete
  2. حبيب قلبي
    الله يسلمك
    :)

    ReplyDelete