Saturday, June 30, 2012

الإسلاميون ٢ - تربية الانفتاح



تحدثنا في المقال السابق والذي كان بعنوان الإسلاميون ١ - نقاط القوة ورصيد النفوس عن نقاط قوة الإسلاميين ورصيدهم في الشارعين الاجتماعي والسياسي، الرصيد الذي يؤهلهم للعب دور هام في تشكيل مستقبل العالم الإسلامي بعد ربيع الثورات العربية، وفي هذا المقال نرصد ملمح آخر من ملامح القوة، ربما يكون ملمحا لا يحظى باهتمام الكثير من أصحاب الفكر والتنظير بل ربما عدّه البعض منهم سببا في تأخر الكثير من الحركات الإسلامية وضياع كثير من الفرص الذهبية من بين أيديهم، ولكنها الحقيقة التي تربينا عليها أن النفوس لا بد لها من تزكية فهي هائجة مائجة مضطربة كاضطراب أمواج هذا البحر وأمراض القلوب لا ترحم، فكيف تمرض نفوس مهمتها شفاء نفوس قوم آخرين، وكيف تقسو قلوب غايتها ترقيق قلوب كالحجارة أو أشد قسوة، وكيف يظلم صدر مهمته أن يحمل نورا ويمشي به "في" الناس. جانب هام ورئيسي وثابت من الثوابت لدى الحركات الإسلامية التي تحرص على صناعة الرجال حرصاً لا يقل أهمية عن صناعة التغيير المجتمعي والسياسي. ولكن يبدو أنه مع تطور النظريات  والأظروحات السياسية سواء من الإسلاميين أو غيرهم وانتشار وسائل الاتصال الحديثة والانفتاح على الآخر انفتاحاً لا يقل خطورة عن الانعزال أصبح المهتمين بالمجال التربوي في حيرة من أمرهم تسحقهم الحداثة من جهة والتحيّر الفِكْري من جهة أخرى!

ملحوظة هامة: هذا المقال قد يبدو في ظاهره أنه غير ذو فائدة إلا لمن يعمل في إطار تنظيمي إسلامي حركي جماعي يهتم بالتربية كاهتمامه بالفكر والسياسة، إلا أنني أرى أنه هام وضروري ومفيد لكل مسلم حريص على تزكية نفسه بالتوازي مع تغيير المحيط، الحركة ليست حِكراً على أحد والدعوة ليست حِكرا على جماعة "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم" [آل عمران]. أيها المسلمون.. كل المسلمون!

تربية الانفتاح

إن الكثيرين من الذين يقودون عمليتي التأسيس والانفتاح لا يصلحون لأدوار التصعيد، ولكنهم عناصر جاهزة للتدريب على أداء هذا الدور، ولابد من تجديد تربيتهم، وإكسابهم العلوم التي تنقصهم، وتبديل السمت النفسي الذي اكتسبوه من طبائع أعمال المراحل الأولى إلى ما يلائم طبائع العمل السياسي العام.

لا شك أن التربية من أهم نقاط قوة وتماسك التيار الإسلامي وسبب هام للمحافظة على نقاء القلوب وصفاء السرائر وتزكية الأنفس، فالممارسة السياسية تنحت من القلوب نحتاً ولا مفر! إن نظرة التيار الإسلامي للكون توجب على الفرد أن يعمل لآخرته لا لإصلاح دنياه فحسب. بل نقول يصلح دنياه لأجل آخرته، من أجل هذا وأكثر وجبت التربية.

يا للعجب! مع أن الإسلاميين من أكثر الناس حرصاً على تزكية نفوسهم ولا زالوا حريصين على قراءة كتب علماء وأهل التربية كالإمام ابن القيم ليسيروا مع السالكين في مدارجهم في "مدارج السالكين"، والإمام أبو حامد الغزالي ليحيوا قلوبهم في "إحياء علوم الدين"، والشيخ سعيد حوى ليزكوا نفوسهم في "المستخلِص في تزكية الأنفس". أو من المعاصرين كالدكتور خالد أبو شادي والأستاذ فتحي يَكَن والدكتور مجدي الهلالي ومربّي الدعوة العراقي محمد أحمد الراشد. كل هذا وتجدهم أكثر الناس اتهاماً لأنفسهم بالتقصير في جنب الله، يتهمون نفوسهم بأنها مريضة وقلوبهم بأنها مُسْوَدّة فنقرأ في رسائل الإمام حسن البنا "نفسونا التي يجب أن تتغير" و "أينما وُجِد المؤمن الصحيح وُجِدَت معه أسباب النجاح جميعا" و " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم على أرضكم" و "نفوسكم هي الميدان الأول، إذا استطعتم عليها كنتم على غيرها أقدر". في حين نرى غيرهم ممن يعبد الله على حَرْف لا يضطرب قلبه ولا تدمع عينه خشية أن يُطْرَد فيهوي في نار جهنم سبعين خريفا ويظن نفسه بذلك محسنا ويحسبه هينا وهو عند الله عظيم. لله در القائل "إن الطريق إلى الله طويل، كلما ازددت قرباً ازددت بُعدا، وكلما ازددت بُعدا ازددت قرباً"!

من أهم آثار التربية ما سماه الراشد "الحماسة اللاهبة" حيث إن الفقهاء والمفكرين كثير عددهم، ولكن قضية الإسلام الحاضرة تريد أصحاب القلوب الملذوعة، الذين يتفاعلون مع الأحداث أولاً بأول، ولهم تعبّد في مراغمة الباطل ومعاندته ومحاربته، فعلى مثلهم ينعقد الرجاء، لا على أصحاب الأصوات الملذوعة. وذلك يعطي لمنهج الدعوة سمتا خاصا في تجاوز مجرد الدراسات الفقهية و التوجيه الفكري القريب من طبيعة المنطق الجامد، إلى مخاطبات قلبيه، تسبقه وتقارنه وتتلوه، تغذي الأرواح وتنمي الأشواق وتحبب البذل وتدفع نحو التضحية والجهاد.

كان للضرورة أحكامها فأباحت المحظورات، فتنازل الإسلاميون عن كثير من وسائلهم التربوية جملة، أو أدوها على غير وجهها الأكمل لحفظ ماء الوجه وذلك أضعف الإيمان. ولا شك، كان لذلك أثره السلبي من اقتصار كثير من الوسائل على الجانب النظري و المدارسة دون الممارسة، ولا شك أن أمراض النفوس تظهر حين تظهر أثناء الحركة والممارسة العملية للمدارسة النظرية، إضافة إلى أن الحركة هي نتاج التربية السليمة . وإذا كنا قد تعلمنا أن "استغلال الموقف نصف التربية" فمن أين لنا بالمواقف دون حركة ! لذلك كان لزاما بعد تفريج الكرب وزوال الغمة أن نؤدي الوسائل التربوية بحقها فلا يقوم عليها إلا أهلها إعداداً وتنفيذاً و تقييما وإلا لما كنا شاكرين لنعم الله علينا " وقليل من عبادي الشكور ".

الأثر السلبي الآخر للتربية المنعزلة هو قلة أو انعدام الاحتكاك بالتيارات الفكرية الأخرى والاكتفاء بالسماع من ذوي التجارب الشخصية التي لا تعتبر سيفاً على رقاب أبناء الحركة ككل، بل هي تجارب شخصية تلعب فيها الظروف الشخصية عاملا هاما، فأصبحت ثقافة الغالبية العظمى من أبناء الحركة الإسلامية ثقافة سماع من أصحاب الممارسة مما أدى بالطبع إلى ضبابية في الرؤية نتج عنه سوء في الحكم، فشاعت لهجة الاستعلاء على الآخر بل أقول احتقار الآخر "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"، "ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"، "إن الله يأمر بالعدل".

-
إذا ذكرت التربية وفقه الدعوة ذكر أول ما يذكر الراشد . نقتبس من كتبه ما يلي.

- سياسة العبادة

إن الطالب لفقه الدعوة سرعان ما يدرك أن التخطيط الإسلامي له سمت خاص يختلف عن الأحزاب العلمانية، يتمثل في الاقتران الكامل بين التربية الإيمانية الأخلاقية والتوغل السياسي.

إن خطتنا ليست هي خطة سياسية مجردة، ولا يكفي فيها العطاء التربوي الذي تتيحه للداعية مواقفه السياسية، بل يجب أن تسبق التدخل السياسي مرحلة تأسيسية مخصصة للتربية والبناء التنظيمي، ثم تظل التربية من بعد وتستمر مواكبة للانفتاح العملي والصراع السياسي، ويكون عطاء المواقف ظهيرا لها ومؤكدا.

إن تاريخ الجماعة يشير إلى أن الجهود التربوية تضمن سلامة العمل وبعده عن الانحراف، وتساعد على انتفاء الفتن ومعالجة الفتور، فوق كونها من الإرشادات الشرعية، وأنها هي السنة العملية التي سار عليها النبي - صلى الله عليخ وسلم - في تكوين أصحابه وتأسيس دولة الإسلام.

وإنما نعنيها بشمولها هذه التربية، فكما أن الممارسة الجماعية والتدريبات العملية وانتصاب القدوات تعتبر جوانب مهمة فيها، فإن العيش في المساجد و تلاوة القرآن الكريم ومجالس دراسة الحديث النبوي الشريف ومطالعة كتب التذكير وسماع الوعظ والتلقين تعتبر جوانب أخرى تماثلها في الأهمية أيضا، أو تمهد لها وتعين على دوام تأثيرها.

هكذا هو الخط الوسط والمقدار الصحيح، وإنما يغفل عنه اثنان:

جافل من سذاجة دعاة يعزفون عن التدخل السياسي ويبالغون في التربية القاعدة الجامدة، فيخرج إلى تطرف ينكر معه أصل التربية كله، ويقذف لسانه في غمرة الحماسة ألفاظا غير موزونة.

وجافل من دعاة يستعجلون وضع أنفسهم في محيط السياسية، ويقربون من التهور، فيخرج إلى تطرف مقابل يتحول به إلى مجرد زاهد عابد.

والصواب ليس مع أحد هذين، بل هو كامن في الشمول والتدرج والاقتران الدائم خلال كل المسار بين التربية والتدخل السياسي.

- الداعية العصري

إن الحديث عن طبائع الذين ندعوهم يجرنا مرغمين إلى الحديث عن طبائع الدعاة وقول فقه الاصطفاء فيها.

وكأن أول ذلك أن نعترف بأن مستوى الكثير  من دعاة الإسلام ما زال متخلّفا عن المستوى اللائق للاشتغال بالسياسة، على عكس الكثير من الساسة الذين نخالفهم، فإنهم قد استطاعوا تدليس باطلهم، وتعميق تأثيراتهم بعديد من الميزات التي برعوا فيها من الثقافة العامة الواسعة، والمطالعات السياسية المكثفة، والدراسات الاقتصادية، والمقدرة على التعرف على الناس وجَوْبِ منتدياتهم، والإلمام بلغة أجنبية وتكميل اطلاعاتهم باستخدامها.

وقلّة منا هم أولئك الذين ارتفعت مستوياتهم ارتفاعا عاليا يؤهلهم للنجاح في أبواب الدعوة العامة، كتحرير الصحف السياسية، وأداء مهمة النيابة البرلمانية، والخطابة، ورئاسة الهيئات الإدارية للجمعيات والنقابات والنوادي، أو عضويتها، أو ما هو أبعد من ذلك من القيام بالوظائف الحكومية الكبيرة، إذ قلة أولئك الذين يصلحون كرجال دولة يتحملون مسؤولية وزارة أو سفارة وما وازى ذلك إذا أردنا تكوين جهاز كامل لحكم أو المشاركة فيها. إن إخلاصنا فريد النوع، وتواضعنا نادر المثال، وأخوتنا عزيزة، وعبادتنا جميلة، ولكن النجاح السياسي أصعب من أن ينال بمجرد ذلك.

صحيح أن أكثر الدعاة يحملون علما جيدا، لكنه العلم الإسلامي في معظمه، ونعما هو: رمز فخر وشرف، ودستور عمل، ودليل سير في دروب الحياة، ولكن تأثيره اليوم يظل محصورا ما لم تظاهره ثقافة عامة شاملة، وأساليب عصرية في تفهيمه باستعمال الدراسات المقارنة، ونقد الواقع الحاضر، واتباع أساليب البحث الحديثة.

وصحيح أيضاً أن فينا أهل نشاط واتصال بالناس، ولكن الكثير منا ينعزلون في مجالس خاصة، ولا يبعدون عن دائرة رواد المساجد، ويستأنسون بطول اللبث يوميا في مجالس العوام، ونعما لبرهان هي على تواضع الداعية، لولا ما فيها من تعويد على الكسل وفتور الذهن، وما سببه الإسراف في التلذذ بها من هجر مجتمعات المثقفين، في نواديهم ونقاباتهم وجمعياتهم وسهراتهم المنزلية ولا بد من إقامة توازن وت وزيع أوقاتنا على أنواع المجالس.

- بذاذة موهومة

وكذلك مظهر الداعية وملبسه، شريك في التأثير، وكثير من دعاة الإسلام يستهويهم أجر البذاذة الإيمانية التي يعتقدونها، فيخالفون عرف المثقفين في اللباس، ويهملون هندامهم، ويلبس لهم من تبرير مقنع، والناس اليوم يلزمها من رفق خطابنا لها ما كان يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - للوفود، فإنهم وإن كانوا اليوم مسلمين، إلا أن المعاني الإسلامية التي نتداولها معهم غريبة عليهم، وأوشك أن يصبح المعروف منكراً، ولا بد أن نتجمل للناس في حدود المباح بما لا يخرجنا عن سمت التواضع، كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتجمل للوفود، باللباس الحسن الأنيق، والنظافة المبالغ فيها، ومسّ الطِّيب، ليألفونه، من غير تقليد للمسرفين، ولا جنوح إلى التشبه بالمتبطرين المبذرين، فإن التوَسُّط ما زال هو الخير في كل الأمور، وربما كفته البدلة الواحدة لسنين.

إن البعض يري أن هذه الأمور من الصغائر التي لا تناسب التذكير القيادي ، وهي في عرف الأوساط السياسية والفكرية كبائر.

- هجرة الأحرار لا يعرقلها ناكص

وعلى كل، فإن التجربة التربوية لا ستبتعد أن تؤدي هذه المطالعات غير الإسلامية التي نحث عليها، و مجالس المثقفين، وهذا التجمل في المظهر، إلى تأثيرات سلبية عند بعض الدعاة، يحب معها الترف والقشور الدنيوية الزائفة ، أو يتكبر على فقراء الدعاة، الذين لا يدري ثقل ميزانهم إلا الله تعالى، أو على غير أصحاب الشهادات الذين ربما فاق علمهم علمه، أو يأخذ يتنطع في فكره و تحليلاته ، و يصير أشبه برائد صالونات سياسية متطلع للمناصب منه بداعية متجرد متواضع همام، إلا أن كثافة المواعظ الصريحة ، و ذكر الرقائق ، و الرقابة القيادية التي تشرف على تعادل الكلام و المنهاج والخطط، و التربية على ما يضاد هذه الأسواء : كل ذلك يجعل العاقبة أكثر سلامة، ومن سقط و لم تنفعه الرقابة و الرقائق : كان سقوطه عندنا مصداقا لاحتمالات تساقط متوقعة في هذا الطريق، كأنها سنة من سنن العمل الجماعي، وليس أنفع لنا آنذاك من رؤية التكذيب الواقعي الحتمي لتدليسات المجازات الحماسية التي توهم قليل التجربة بأن كل من سار على الدرب وصل، كأن ليس في الناس الأعرج، والمريض، والراهب، والشهواني، وفاتر الهمة.

- انتكاس الموازين لا يدوم

ومن أضر الأقيسة هنا : أن يقيس الداعية كلامنا هذا بما حوله من واقع الحزبيين والانقلابيين، فيجد ما أوجبنا غير واجب، إذ يرى نكرات الناس يحكمون، و كل جاهل ليس له عشر علم الداعية المسلم يتصدر، و كل مخالف لفطرة الجمال معني ومظهراً يقول ويتفلسف ويجول.

و ما هكذا تفهم الأمور، فإن الحقبة الأخيرة من التاريخ السياسي لبلادنا شاذة طائشة، و وجدت الطفولة الفكرية و السياسية لها من أكتاف الجمهور الساذج مصعد وصول، فصالت، و التطور الاجتماعي و المدني، و الهدوء التأملي الذي سيخلف هذا القلق: كفيلان بنمو اتجاهين هما في صالح الحركة الإسلامية حتما:

اتجاه ندم الناس على ما كان منهم من خذل لدعاة الإسلام و نصر للحزبيين الذين أذاقوهم مر المتاعب، و ربما مالوا لمحاولة وفاء و تعويض و إقبال على الإسلام.

واتجاه جاهلي آخر على النقيض يحاول تأصيل الفكر العلماني والنزعة الإلحادية، ولكن من خلال التربية والحوار والأساليب الحرة المشتقة من الديمقراطية الغربية لا من خلال الإرهاب، وهو اتجاه في صالح الحركة لإسلامية أيضاً، فإن الإسلام والجاهلية إذا تصارعا في جو من الحرية : كان الإسلام هو الغالب، لقوة الحجة، وموافقة الفطرة، وعند ذاك في تلك المصارعة الحرة، ستبدو أهمية هذه الجوانب في صياغة شخصية الداعية المسلم، والتي أوجبناها آنفا، من الثقافة العامة، وأسلوب البحث الحديث، وإحداث تماس بالمثقفين، والتجمل لهم كما كان الأنبياء عليهم السلام يتجملون.

ولعلنا لا نغالي إذا صرحنا بأن افتقاد عناصرنا لهذه الجوانب الثلاث كان من أسباب الانحجاب عن الناس، وأنها عزلة نحن اخترناها أكثر مما هي عزلة طوقتنا بها حكومات الكفر والأحزاب.

إن مقصدنا واضح، والمعني الذي نذهب إليه صحيح، مع ما عند بعض الدعاة من الاستعداد للانحراف به إلى تفسير دنيوي يبررون به حالهم.

نريد اختلاط الداعية بالمثقفين من الناس في مجالسهم وأنديتهم لكسبهم، ولا يصح أن يفترض أنه مثل بيضة وأنهم أحجار صلدة، يكسرونه ويهشمونه ويسلبونه إيمانه إذا اختلط بهم بل افتراض العكس أولى وأقرب للقياس، فإن المؤمن قوى الحجة، عزيز النفس، وهؤلاء يعيشون في فراغ روحي ليس غير الداعية يقدر على ملئه، وتضللهم شبهات، ليس غير الداعية يكشفها.

-
ختاما، على الإسلاميين أن يدركوا جيداً أن التربية لا تكفي بل هي الحافظة للمسار، المرققة للقلوب، المزكية للأنفس. فالتغيير الاجتماعي السياسي شأنه أعظم من أن يقوم به أصحاب النوايا الحسنة والقلوب السليمة لا غير  "إن إخلاصنا فريد النوع ، وتواضعنا نادر المثال، وأخوتنا عزيزة، وعبادتنا جميلة، ولكن النجاح السياسي أصعب من أن ينال بمجرد ذلك".


و للحديث بقية

No comments:

Post a Comment