التوريث المستحيل

بعد قراءة كتاب "الأيام الأخيرة" لعبد الحليم قنديل قررت أن أكتب ملخصا عنه ولكن اتضح لي أن ذلك سيحتاج إلى كلام كثير فاعتقد أني في كل مرة سألخص جزءا من الكتاب . هذه المرة سأكتب عن أحد العناوين الداخلية للكتاب-لن يرثنا جمال مبارك
* مقدمة :
هل يحكم الجيش ؟ هل يحكم الإخوان ؟ هل يحكم جمال مبارك ؟ هل من طريق لمرحلة انتقال سلمي من حكم العائلة إلى حكم الشعب ؟ كلها أسئلة متعلقة برسم نهاية وشيكة لنظام انتهى إلى إلى الإفلاس التام ، فالنظام قد مات إكلينيكيا و عجز عن السيطرة على الدولة : فقر مندقع فثلثي الشعب المصري يعيش تحت خط الفقر العالمي المقدر بدولارين في اليوم والبطالة سيطرت على غالب الشباب مهما كانت مؤهلاتهم و العنوسة دخلت كل بيت فقد بلغ عدد الشبان والشابات الذين تخطوا سن الزواج-دون الزواج-إلى عشرة ملايين تقريبا بالأرقام الرسمية أضف إلى ذلك أن 45.9% من سكان القاهرة ذات الــ16 مليونا يقيمون في المقابر والعشوائيات ، عدد أطفال الشوارع بالرقم الرسمي يصل إلى مليون طفل ، أما الصحة فهي من سيء إلى أسوا يكفينا أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميا في عدد المصابين بمرض الالتهاب الكبدي الوبائي (فيروس سي) مصر بها 30% من المصابين بهذا المرض على مستوى العالم . هذه كانت بعض أحوال بلدنا ، إنه الرعب الذي ينتظرنا

* التوريث المستحيل : لن يرثنا جمال مبارك ، خطة التوريث محكمة جدا ، وتمضي بسلاسة السكين في الزبد ، لكنها على الأرجح لن تصادف هواها في النهاية،و لن يصبح جمال مبارك رئيسا رسميا لمصر ، خطة التوريث مرئية حتى للعميان،فحسني وابنه يتبعان طريقة التصادم المرحلي أي أن الصدمة لا تكون مرة واحده بل تدريجيا ، في البداية كان النفي قاطعا كالعادة عندما سُئل جمال مبارك في برنامج خاص للتلفزيون الحكومي فقد قال وقتها " ليس عندي رغبة في الترشح للرئاسة"و لكنه في مؤتمر الحزب الوطني الأخير كان رده ملفتا للنظر ، لم ينف مباشرة و بالجملة بل قال "لا أريد الدخول في قضايا فرعية فالإطار الدستوري واضح، إنها تكهنات الصحافة" تماما كما أن طريقة مبارك الأب في الإنكار تعرضت هي الأخرى للتخفيف ، قبل سنوات كان مبارك ينكر وبطريقة شبه قطعية ويقول "لا توريث في نظام جمهوري"و بعدها أدلى مبارك بحديث لقناة "العربية" و يصف دور ابنه السياسي على طريقة " ابني بيساعدني"! و كأن مقام الرئاسة تحول إلى محل كشري ،و قال مباكر في اجتماع مغلقق للهيئة البرلمانية للحزب الوطني و نقل عنه قوله " إذا الشعب عايز جمال يجيبه" و قد تلفت النظر إشارة مبارك إلى "الشعب" فهو على الأغلب بقصه نفسه شخصيا

تعديلات الدستور (تعديل المادة 76 من الدستور باستفتاء 25 مايو 2005)وجهت الضربة المزدوجة للسياسة الحية ولدور القضاء معا فقد وضعت شروط مانعة لترشح أي شخص من خارج حدود الأحزاب الرسمية ومن جماعة "الإخوان" المحظورة بالذات ، فهي تضع شرطا لترشح المستقلين يبدو أصعب في ضمان توفيره من توفير لبن العصفور ، تشترط توقيع 250 عضوا برلمانيا لصحة الترشح ، 65 عضوا من مجلس الشعب و 45 عضوا من مجلس الشورى و 140 عضوا بمجالس المحليات و قد كان يمكن لمرشح إخواني - أو يدعمه الإخوان - أن يتحصل على النصاب المطلوب من مجلس الشعب الحالي فلدى الإخوان الآن 88 نائبا و قد قامت التعديلات الدستورية (26 مارس 2007) بالواجب لقطع ذلك الطريق على الإخوان ، جرى إحلال الإشراف العملي لضباط الشرطة محل إشراف القضاة على الانتخابات و تحولت الانتخابات إلى تعيينات و تم الزج بجمال مبارك في لجنة السياسات في الحزب الوطني حتى يكون له الحق في الترشح للرئاسة فيما بعد بصفته في الحزب الوطني مع أنه ليس له ذلك بهذه السهولة إلا أنه ابن الريس و لكن في النهاية أحب ان أقول أن جمال مبارك إذا أمسك بالحكم ستنقلب البلد تماما فهو متهور جدا فقد اتخذ قرار تعويم الجنية (خفض قيمته للنصف) في لحظه بينما تردد والده لمدة 13 سنة في أخذ هذا القرار خوفا من الشعب ولس حبا فيهم ،فجمال إذا أمسك الحكم أعتقد أن أول قراراته ستكون إلغاء الدعم أو ترشيده ولا فرق بينهما بتاتا ، أنا شخصيا أعتقد أن موضوع التوريث ده حواليه كلام كبير قوي في قصر الرئاسة وكلام أكبر قوي في واشنطن وتل أبيب فهما الحاكمين الفعليين لمصر و إن أنكر من أنكر ، جمال يتطلع إلى الكرسي ولكن هل يقبل الشعب ، إذا قعد جمال على الكرسي فستكون خيبة أمل عارمة وجرعة يأس كبيرة لجميع الفئات فلا نريد أن ننتظر 27 عاما أخرى ..كفاااااااااااااااية بقى قرفتونا