Saturday, August 2, 2008

إذا حكم الجيش - آخر موضوع

* لا نتحدث لا سمح الله عن الجيش المصري كتشكيل عسكري و أسرار سلاح . ليس فقط لأنها منطقة محرمة بحكم القانون . بل لأن لدينا كعامة المصريين احترام عظيم للجيش الذي حرص لعقود على عدم التورط في صدام مع مواطنيه . و ظلت عقيدته القتالية ضد إسرائيل بالذات

* و قد يبدو غريبا أن نتحدث عن احتمال عودة الجيش لحكم مصر . فقد يرى البعض أن الجيش يحكم مصر بالفعل و أن الحياة المدنية معسكرة بما يكفي و أن عددا كبيرا من المحافظين و رؤساء مجالس المدن من أصول عسكرية و أن عددا غير قليل من رموز "جماعة البيزنس" يعودون في أصولهم للجيش أو جهاز المخابرات . و كل ذلك صحيح ولكنه لا يكفي للدلالة على وضع ممتاز للجيش في السياسة المصرية الآن . تماما كما أن وجود عدد كبير من القضاة في مناصب تنفيذية لا يعني أن القضاء المصري بخير

* هناك تصرفات تجري بالعمد لإنهاك أي طموح سياسي في الجيش . ففي سنوات حكم مبارك الطويلة ( 26 سنة إلى الآن و الله أعلم ) تضخمت ظاهرة الإحالة للتقاعد و من رتبة "عقيد" فما فوق . و استجدت ظواهر التوسع في منح المزايا والهدايا و كأن المراد هو "بزنسة الجيش" و جعله مفرخة لرجال الأعمال لا لجنرالات الطموح العسكري و السياسي . لكن هدف السياسة الحاكمة على أي حال يبدو ظاهرا فمبارك وعائلته لا يريدون منافسا و لا خليفة بالسياسة من الجيش . و لا السياسة الأمريكية تريد ذلك . و لا تفضله إسرائيل بالطبع . فثمة خشية ظاهرة من أي جنرال قد تغلب عليه روح التكوين الوطني المميزة للجيش المصري . ثمة خشية ظاهرة من يقظة الجيش للسياسة بعد 30 سنة من التهميش و الترويض المتصل . و قد كان ما جرى مع المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة لافتا . كان أبو غزالة وزيرا للدفاع من سنة 1981 قبل اغتيال السادات و حتى 1989 و كان يمتاز بالديناميكية و الكاريزما الشخصية والطموح السياسي و العسكري معا و تولدت له شعبية هائلة في الجيش و ذاع صيته إلى الشارع مع قمع الجيش لتمرد الأمن المركزي أواسط الثمانينات . كان أبو غزالة يتصرف بندية ظاهرة مع مبارك . و في اللحظة التي غضبت فيها أمريكا على أبو غزالة تصرف مبارك بلا تردد بعد أن أخذ الضوء الأخضر الفاتح . فقد ادعت المخابرات الأمريكية أن أبو غزالة يرعى مشروعا لتطوير الصواريخ المصرية من خلال شبكة ممتدة إلى واشنطن . وانتهز مبارك طبعا الفرصة الكبيرة فأطاح بأبو غزالة و تكفلت وسائل إعلام مبارك بالباقي و نسب لأبو غزالة تهما بالتورط في فضيحة السيدة آرتين ( مأعرفش مين السيدة آرتين دي و ايه فضيحتها . يا ريت اللي عارف يقولي بجد ) . فهل كلن أبو غزالة هو الجنرال الأخير الذي حلم بحكم مصر ؟ و هل من فرصة لعودة الجيش إلى الحكم بعد نهاية مبارك

* يبدو المشير محمد سيد طنطاوي ( وزير الدفاع ) تلخيصا لحال الجيش و المآل الذي انتهى إليه . فالمشير طنطاوي يبدو كتوما كأنه لم يتكلم أبدا و نادرا ما يبتسم و بلا شعبية ملفتة وبلا طموح سياسي على الإطلاق و ربما كانت هذه الصفات وراء بقائه الطويل في منصب الوزير و القائد العام للقوات المسلحة و ربما حاسة الأمن المفرطة هي التي جعلت مبارك يثق بالمشير طنطاوي بالذات

* و الصورة في عمومها قد توحي بأن كل شيء هاديء على جبهة الجيش و هو ما شجع مبارك فيما يبدو على توريط متدرج للجيش . فقد تكررت حالات إحالة مبارك للمدنيين إلى محاكمات عسكرية . فقد حكمت محمكة مدنتة بإخلاء سيبل المهندس خيرت الشاطر و عشرات من رفاقه و على باب المحكمة صدر قرار باعتقالهم تطبيقا لقانون الطواريء الملعون و جرت إحالتهم إلى محكمة عسكرية و حكم عليهم بأحكام قاسية تتراوح بين 3 إلى 10 سنوات . و كان النائب طلعت السادات قد أحيل إلى محكمة عسكرية و صدر القرار بسجنه سنة كاملة . و هذا كله مما لا شك فيه أنه يسيء لسمعة الجيش و كما قلنا فكل ذلك مقصود

* هذه هي الصورة كما تبدو عن بعد و هي لا تشي باستحالة عودة الجيش لدور في الحكم و صنع السياسة . و قد يصح هنا أن نتذكر ما جرى في نهاية 2003 في قاعة البرلمان حيث كان الرئيس مبارك قد وقع مغشيا عليه و هو يلقي خطابه السنوي أما مجلسي الشعب والشورى . و فو ثوان كان الجيش يسيطر على الموقف داخل مبنى مجلس الشعب و يمنع رئيس الوزراء و الوزراء و النواب و قادة الحزب الوطني الحاكم و "دبة النملة" من الدخول إلى مبارك في استراحة الرعاية الطبية . و قد تبدو الصورة مشوشة و عليها غبار إذا حملنا ما جرى على استعداد الجيش للحكم في لحظة خطر رمزي . غير أن هذا الغبار قد ينجلي في لحظة خطر جدي كأن يموت مبارك أو يحدث انفجار اجتماعي تلقائي و الاحتمالين ليسا ببعيدين . و في كلتا الحالتين فقد يصبح زواج الجيش بالحكم من المعلوم بالضرورة . فهل يلجأ الجيش وقتها إلى الخبرة المتوارثة عر عقود مضت . و يلبس قناعا مدنيا في صورة حزب دولة و يتقدم جنرال للرئاسة بالبذلة و ربطة العنق و بغير سيوف ظاهرة على الكتف . و ننتهي إلى تمديد نظام مبارك بغير مبارك و عائلته . ثم كيف سيتصرف الجيش مع الإخوان و القوى المدنية المعارضة - و بكده نكون خلصنا الحته اللي كنت عايز ألخصها من كتاب "الأيام الأخيرة" لعبد الحليم قنديل
جزاكم الله خيرا جدا




2 comments:

  1. اما موضوع حسام يحيى ( اللى بايظ ) , فانا عاوز أقابله واخرج معاه انا كمان , اشمعنى انت !!!!!!!!!!ـ

    ReplyDelete
  2. تُوفي مساء 6/9/2008 السبت المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة وزير الدفاع السابق عن عمرٍ يناهز 78 عامًا بعد صراعٍ طويلٍ مع المرض بمستشفى الجلاء التابع للقوات المسلحة

    ReplyDelete