Friday, April 10, 2009

سأصلّي إماماً


هذا الكلام إلى ( الصادقين ) من الإخوان المسلمين " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين ". سأتكلم قليلا عن الموضوع الذي أثار ضجة في فترة من الفترات و لا يزال يثار حوله كلام . النقد العلني لجماعة الإخوان المسلمين سواء كان من أفرادها أم من خارجهم ، ولكني هنا سأتكلم عن النقد الذي يتم من أفراد الجماعة أو بوجه أصح ( من شباب الجماعة ) لأنهم هم المحسوبون عليها ، أما النقد المنصب على الجماعة من خارجها فهذا ما تعودنا عليه و هذا ما قاله الإمام البنا أن دعوتنا ستحارب من جهات شتى ، و لكن عندما يجيء النقد من الداخل لا بد أن نقف و نحلل . سأتكلم عن كل ما يدور في خلجات نفسي و بصراحة . ما يعجبني و ما لا يعجبني و ما يأسفني . يعجبني في أولئك الشباب ثقافتهم العالية . قارؤون و مطّلعون جيدون . ما يعجبني أنهم فكروا و أرادوا التغيير للأفضل و نحسب أن نيتهم في ذلك الاقتراب من الأصوب و هو الذي نسعى إليه جميعا سواء كان فعلهم في التغيير صحيحا أم خاطئا و لكن يحمد لهم صنيعهم بأنهم أرادوا التغيير والتصويب . نأتي إلى ما أراه غير صحيح بداية أشعر أن النية ليست صادقة عند الجميع . أعلم أن هذا ليس من شأن البشر و لكنّه شعور .البعض ينقض بشدة و في كل مرة . لا تكاد تجد له تدوينة بدون ذكر سيئات الإخوان في الموضوع الذي يتحدث عنه و لو كجملة عابرة داخل التدوينة . أمر صعب صراحة . كل مرّة ! المهم سواء كانت النية صادقة أم لا فلا يصح أن يكون النقد في كل تدوينة أيضا و إذا كان يرى ذلك الكم الهائل من الأخطاء مما يدفعه و يضطره اضطرارا إلى النقد في كل مرة لماذا الاستمرار في الطريق ؟ ما أتأسّف عليه أن هذا الشباب يضيّع وقته في شيء لن يأتي بالنفع ، صراحة أستخسرهم في أي مكان آخر خارج الجماعة ، قدرات هائلة ، عقليات رائعة ، ثقافة عالية ، لو وجهت في الاتجاه الصحيح لاشك ستحدث تغييراً ليس بالبسيط

الأمر الثاني هي لماذا أصلا ينقدون على المدونات ؟ سؤال كثيرا ما دعاني للتفكير . بعضهم يقول لي " ولماذا لا ننقد على المدونات ؟ " للأسف السؤال لا يكون كذلك ، هم عكسوا السؤال . إذا افترضنا أنهم سلكوا القنوات الشرعية ، لنفرض جدلا و أشك في ذلك . و لم تتم الاستجابة لهم ، فلماذا ينقدون على المدونات مع العلم أنهم متأكدون أن ذلك لن يفيد الجماعة في شيء و نحن نقول نحسب أن النية صادقة ، أما إذا كانت النية غير ذلك فمن الأفضل له أن يترك الإخوان - هذا إن كان ينتمي لهم أصلا - و معظمهم يعلم ما أقصد . أعتقد أن أحد أسباب هذا النقد هو الانفتاح الإعلامي الذي نشهده ، هذا و إن إن كان له إيجابيات فإن له كذلك الكثير من السلبيات ، أنا أقر أن الجماعة ينقصها الكثير إعلاميا ، نعم نحن لا نجيد اللعب الإعلامي قد لا يكون هذا خطئا منا بقدر ما هو خيانة و خداع من غيرنا و لكن هذا الهوج الإعلامي أحد أهم الأسباب فنحن نجد أن الشخص - أي شخص - يستطيع الآن أن يكتب مقالا ويرسله للجريدة و الجريدة تتلاعب به كما تريد أو تغيّر في الأقوال كما حدث مع أروى الطويل في المصري اليوم . المدونات و ما أدراك ما المدونات أحدثت فرقا هائلا ، منبر من لا منبر له ، صار كل منا يمتلك جريدة خاصة به يكتب بها ما شاء و يشتم عليها من شاء ، أصبح كل منا - لا سيما إذا كانت مدونته ذات شهرة نسبية في الوسط الالكتروني - يشعر أنه له قيمة و أن رأيه مسموع نوعا ما مما قد يدفعه شيطانه أو نفسه الأمّارة بالسوء إلى كتابة ما يعلم أنه ليس مما حضر أهله و لكنها فرصة إعلامية جيدة . نعم ، الإعلام وسط قذر لا يجيده الجميع و من يتعامل معه يدرك تلك الحقيقة

الأمر الثالث و هو المهم . أن الله سبحانه و تعالى خلق الناس أصنافا منهم الشخصية الضعيفة و منهم القوية و العاطفية و الخشنة و العنيدة و الاجتماعية و الانطوائية و القيادية و ... . سأتحدث عن الشخصية القيادية قليلا لأنها مهمة . تلاحظون في الفترة الأخيرة تكرار تلك الكلمات " قائد " " صناعة القائد " " مركز إعداد القادة " كلهم يهتم بالقائد الذي سيقود إلى النصر . بالتأكيد يوجد داخل الجماعة جميع تلك الشخصيات و المشكلة الأكبر في الشخصية القيادية تظهر حين يتم اختباره في " السمع و الطاعة " ذلك المبدأ الذي أرهق الكثيرين و لا يعجب الكثيرين مع أنه من صميم الدين " و إن تأمّر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة " . الشخصية القيادية حين يتم اختبارها في ذلك المكان يظهر أحد أمرين إما أن يكون شخصا على مستوى عالي من الفهم و يستجيب للشورى لعلمه أن ذلك طاعة لله و رسولة أو آخر مصرّ على رأية حتى وإن كان جالسا عند أخذ الشورى فإنه لا يرضى إلا برأيه و يرى أن الجميع مخطؤون ولم يفهموا وجهة نظره بعد ، مع أنه وضحها مرارا و تكرارا و الناس فهمتها و لكنه لا يستجيب . و بعدها إما أن ينفلت من الجماعة و يذهب لجماعة أخرى أو مجموعة أخرى أو يقوم بإنشاء جماعة أخرى ليكون هو القائد لإشباع تلك الغريزة ظنا منه أن الجماعة لا تريد ذلك الشخص الذي يفكر دائما و يحلل ويناقش . أو أن الجماعة لا تريد القائد بل تريد الذي يقول " آه " في جميع الأحوال و هذا غير صحيح بل أعتقد - اعتقاد شخصي - أن الشخصيات القيادية يتم البحث عنها ( بالعدسة المكبرة ) لأن الرسول قال " إنما النّاس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة " متفق عليه و جماعة ستقود الأمة إلى مجدها المنهوب المسلوب لابد أن يتوفر فيها عدد لا بأس به من الرواحل . نرجع للموضع فيقوم ذلك الشخص بالخروج إلى المنابر المتاحة له و يبدأ في النقد و التحليل و "لقد تركنهم لأنهم بيروقراطيين ديكتاتوريين و رجعيون و مصابون بالجمود الفكري " و تري في الخلفية تصفيق حار و تهليل من الحاضرين الذين يحيونه على شجاعته و هدايته إلى الطريق . أنا لا أتكلم من الخيال بل كثير من الأمثلة من تركوا الجماعة و ذهبوا لإنشاء جماعة أخرى أو ..... و لن أذكر أمثلة لأني تعلمت ألا أجرّح الأشخاص . و إن شئت قل " متساقطون على طريق الدعوة " . و في رأيي أن من فعل ذلك فمثله كمثل ذاك الرجل الذي لا أعرفه الذي كان حلمه أن يصلي إماما بالناس و لكنه يعيبه شيء رهيب جدا لا يشعر به و كان يذهب أول واحد للمسجد قبل حتى أن يفتح المسجد و يسند ظهره إلى الباب حتى يجيء المؤذن و يوقظه من نومه و يدخلا المسجد و يجلس يردد الأذان و يصلي السنّة ثم يهرع إلى إقامة الصلاة حتى يضمن أن يصلي إماما و لكن الناس كانت دائما ما تعيده ليصلي بين الناس و يقولول له " أنت يعيبك كذا و كذا و إذا أصلحت ذلك العيب سنتركك تصلي بنا الخمس فروض " كان صوته عذبا في قراءة القرآن و يحفظه عن ظهر قلب . كان كثيرا ما يصطدم معهم و يعلوالصوت في المسجد و لكنه في النهاية يرضخ لهم بسبب كثرة عددهم و لا أحد يسانده لأن الجميع يرون ذلك العيب الشنيع . كان حزينا جدا . يتمنى أن يصلي إماما بالناس و لكنه لا يدرك ذلك العيب الرهيب الذي لن أذكره و لا يحاول حتى أن يستمع لهم مرة من المرات و يحاول أن يرى ذلك العيب ، و لكنه كان لا يصدقم بل ربما لم يسمعهم أصلا لأنه كان كل همّه أن يصلي إماما فقط ، أعمته الإمامة . كان يبكي في الصلاة بكاء شديدا حزنا على ما يفعلونه به . و لكنه لم يستسلم كان يذهب و يكلم الناس بعد كل صلاة و يشكو لهم ما يفعله أهل المسجد به و بعد شهور و سنين لم يستجب له أحد لأن كلهم كان يرى ذلك العيب و هو الوحيد الذي لا يراه . فقرر أن ينتقم لنفسه فكان يذهب للصلاة متأخرا بعد أن تأكد أنه لن يصلي إماما و بعد أن يختم الصلاة يذهب و يصلي السنة في مكان الإمام و يرفع صوته بقراءة القرآن و يتخيل أنه إماما للناس . للأسف , لو فكّر و لو لمرة واحدة في إصلاح ذلك العيب الذي أرشده الناس له لتركوه يصلي إماما . صوته عذب و يحفظ القرآن كاملا و لكنه عنيد لا يريد أن يستمع للآخرين . رأيي هو الصواب . كان يرددها دائما . أولئك يذكرونني بذلك الرجل ، أعوذ بالله ، اللهم إني أسألك الثبات حتى الممات

أخيرا , هناك كلمة للإمام حسن البنا في رسالة (إلى الشباب) يقول فيها : و سيجد كل عامل صادق منكم في ميدان الإسلام ما يرضي همته و يستغرق نشاطه إن كان من الصادقين ، و إن أبيتم إلا التذبذب و الاضطراب و التردد بين الدعوات الحائرة و المناهج الفاشلة فإن كتيبة الله ستسير غير عابئة بقلة و لا بكثرة " و ما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم "
اقرأها مرة أخرى و ركّز

أنصحكم بقراءة كتاب " المتساقطون على طريق الدعوة .. كيف و لماذا " للأستاذ فتحي يكن

3 comments:

  1. :D أحيانا بكون عاوز اكسر راسك
    بس فعلا كلامك جميل
    ليا تعليقات كتير سعادتك
    بس فعلا الكلام كويس و لازم يتعلق عليه
    سلام يا عمو

    ReplyDelete
  2. احمد السيدApril 15, 2009 at 7:22 AM

    جزاكم الله خيرا
    موضوع جميل نتمني
    ان تصل الرسالة
    وان ننتفع بها جميعا
    والله الموفق والهادي

    ReplyDelete
  3. آسف .. أختلف معك في نقطة أنهم يتميزون بالثقافة الواسعة
    أختلف بشدة

    ReplyDelete