Friday, May 1, 2009

الله يحييك


بداية ليدع كل منا العصبيات القبلية فإنها من سمات الجهالة الجهلاء و الضلالة العمياء " دعوها فإنها منتنة " لينسى كل منا أنه مصري أو سعودي أو .. أو .. دع حظ النفس جانبا . ليكن كل همك معرفة الحق واتباعه و لنبدأ

سارعي للمجد و العلياء ، مجّدي لخالق السماء ، و ارفعي الخفاق الأخضر ، يحمل النور المسطّر ، ردّدي الله أكبر يا موطني ، موطني قد عشت فخر المسلمين ، عاش الملك للعلم و الوطن .. لا زلت أذكر ذلك النشيد الوطني الذي كنّا نردده في طابور الصباح في مدرسة الخبر الثانوية و الذي قد تدفعنا العصبية القبلية و الحنين للوطن نحن المصريين بعدم الترديد بل أحيانا بترديد النشيد الوطني المصري بصوت منخفض

درست في المملكة العربية السعودية من الصف الثالث الإعدادي - أو المتوسط كما يسمونه هناك - و حتى الصف الثالث الثانوي ثم عدت إلى المحروسة لدخول الجامعة . لا أنكر أن تلك الفترة التي قضيتها هناك كانت من أفضل أيام حياتي التي تعلمت فيها كثيرا و لكنها أيضا أثّرت على فكري بالسلب أكثر منها للإيجاب . تحسنت كثيرا منذ أن عدت . يوجد حقد شديد بين الشعب المصري و الشعب السعودي . فالشعب المصري كثيرا ما ينعتهم بالأغبياء و أنهم لولا الدول المتقدمة لظلوا الحفاة العراة رعاء الشاة و لم يتطاولوا في البنيان و على الجانب الآخر السعوديون يكرهون المصريين لأنهم يقولون أنهم يذهبون إلى دول الخليج و ينهبون خيرات تلك البلاد مع الاستهزاء باللهجة طبعا وما إلى ذلك . كلاهما يشتم الآخر , تعرفت هناك على أفراد رائعين , سعوديين و غيرهم . لنتكلم كعادتنا عن السلبيات و الإيجابيات . الإيجابيات هناك و المميز جدا أن السمت العام ملتزم سواء بإرادته أو بغير إرادته سواء كان التزاما أجوفا أم حقيقيا و لكنه سمت ملتزم لا تجد امرأة متبرجة في الشارع لا تجد من يترنّح و في يده تلك الزجاجة الخضراء لا تجد من يخرج يده من زجاج السيارة ليدفع لشرطي المرور عشرين ريال . قد يقول البعض إنهم يفعلون داخل البيوت كذا و كذا و لا يغرك السمت العام , هذا قد يكون صحيحا و لكن ما يفعلونه في بيوتهم بينهم و بين ربهم و لكن ما يهمني كإنسان مسلم أنه عندما أسير في الشارع لا أرى المجاهرة بالمعصية و لا أرى ما يخدش الحياء " أعطوا الطريق حقّه " ما يميزهم أيضا الحالة الاجتماعية المرتفعة و التي سنتكلم عنها فيما بعد و لكن لنقل حاليا أنها ميزة على غرار " نعم المال الصالح للعبد الصالح " أيضا ما يميز ذلك الشعب أنه ينمو علميا بخطوات ملحوظة حيث بدأ تخريج كفاءات من الجامعات و تشغيلهم مكان العمالة الأجنبية بما فيها المصرية و هو ما يسمى بـ " السّعْوَدة " . أيضا من الأعمال الرائعة هي العناية بالحرمين الشريفين و الاهتمام بالحجاج و المعتمرين و لعل هذا أحد الأسباب أن الله سبحانه و تعالى جعل الحرمين في تلك المنطقة التي تطفو على النفط حتى إذا ما كانت هناك سرقات فسيظل المال موجودا بوفرة . لعلها من حكمة الله فأنا أعتقد أن الحرم لو كان مصر لكان الدخول بربع جنيه للفرد . حتى الآن كلام جميل و لكن نجيء إلى النقطة التي تشغل بالي . هل تلك الممكلة الكبيرة و التي تشتهر بأنها تحتضن الحرمين الشريفين و تشتهر كذلك بأنها تطبق الشريعة الإسلامية و أن دستور الدولة هو القرآن الكريم و هو ما يجزم به الشعب السعودي ، هل تلك الدولة تطبق الشريعة حقا أم أننا نخدع أنفسنا ؟

الحكم الديكتاتوري ( هو شكل من أشكال الحكم تكون فيه السلطة مطلقة في يد فرد واحد ) يستخدم أحد أسلوبين في التعامل مع الرعية : نوع يهتم بجعل أقصى أماني الرعيّة البحث عن المأكل و المسكن و الملبس حتى يشغله ذلك عن التفكير في حال الدولة و الاعتراض على نظام الحكم الظالم و هو ما نعاني منه في مصر . و نوع آخر يجعل الشعب يعيش في أقصى درجات الرفاهية و لا يتمنّى شيء إلا و يكون متحققا أمامه حتى يصبح لا يرى شيئا و لا يريد شيئا غير أن يستمر في ذلك النعيم المقيم إلى أن يتم حمله على الأكتاف و بالتالي تنسيه الشهوات - ليست بالضرورة شهوات محرمة - أن يفكر في إصلاح الدولة التي قد تبدو و كأنها دولة عادلة و لكنها ليست كذلك بل هي ثرية و ليست عادلة أو حتى يفكر فيما يحدث لإخوانه على الحدود أو في البلدان المجاورة من قتل و تعذيب وانتهاك للحرمات . نظامان ديكتاتوريان يبدو أنهما يجمعان بين المتضادات شديدة التناقض و لكنهما وجهان لعملة واحدة . كلاهما ديكتاتوري كلاهما ظالم كلاهما عميل . ما يحدث بالممكلة من الأكيد هو النظام الثاني . من لا يصدق إن الحكم في المملكة دكتاتوريا فليسأل ماذا حدث للشيخ خالد الراشد عندما تكلم بكلمة الحق أيام نشر الدنمارك للرسوم المسيئة لرسول الله صلى الله عليه و سلم في أحد محاضراتاه ، لقد تم الحكم عليه بالسجن لـ 15 عاما ، الشيخ خالد الراشد واعظ معروف كان بيتنا قريبا من مسجده ، حضرت له عدد قليل من الدروس و الخطب ، كان رجلا بكّاءاً شديد البكاء و من يسمع له محاضرات يجد أنه قد لا يستطيع الكلام من شدة البكاء ، هو الآن في المعتقل و إذا جاء ذكر الشيخ خالد الراشد في سياق الكلام أمام أحد من المتدينين تجده مباشرة يدعو له بأن يفك الله أسره وسط علامات للحزن و الأسى تعلو وجهه و لكن لا أحد يستطيع أن يذهب للملك و يقول له لماذا و كيف و لم ؟ مستحيل .. مع يقينه التام بأن الشيخ خالد الراشد مظلوم . هذا أحد الأدلة ، ثانيا تمتلك المملكة العربية السعودية إحدى أكثر وسائل الإعلام تطوراً ، ولكنها أيضاً خاضعة لقيود . عموما، لا يتم التسامح مع انتقاد الحكومة والعائلة المالكة والتشكيك في العقائد الدينية ، جميع الصحف السعودية تصدر بقرار ملكي ، و هي تخضع للرقابة وفقا لنظام المؤسسات الصحافية . ويتم إصدار قرارات تعيين رؤساء التحرير للصحف بواسطة وزير الثقافة والإعلام و هو أمر ناجح جدا لنظلم ديكتاتوري عندما يمتلك وسائل الإعلام في يديه ، يستطيع حينها ان يفعل المعجزات لا سيما و أن الإعلام أصبح وسلة التأثير الأولى في الناس

لنتكلم قليلا عن الحكم ، الحكم فتنة كل زمان و مكان . عندما أسمع كلمة الإسلام أول ما يتبادر إلى ذهني كلمة الحكم ، فالإسلام نزل لكي يحكم " إن الله ليردع بالسلطان ما لا يردع بالقرآن " . فلا أحد يختلف على أن الإسلام شعائر و شرائع و أخلاق و معاملات ، هذا ما يتفق عليه الجميع ، و لكن عندما يقال إن الإسلام به حكم هنا تبدأ الشفاه بالامتعاض تفكيرا في إمكانية حدوث ذلك ، و أكبر دليل على ذلك ما يفعله الشيعة الآن ، من أكبر الخطوات التي سبق بها الشيعة السنة أنه يوجد جموع غفيرة مؤمنة بالمذهب إلى جانب وجود حكومة تؤمن بالمذهب و تعمل له و كأن إرادة الشعب تتمثل في شخص الحاكم ، أما السنة - و أقصد بالسنة المسلم الملتزم المطالب بتطبيق شرع الله و ليس حامل المذهب السني و فقط - فيوجد عدد من الملتزمين و لكنك تجد ما ينقصنا هو وجود حكومة مسلمة مؤمنة بفكرة الإسلام لذلك الشيعة سبقونا كثيرا و اقتربوا من النووية إن لم يكونوا صنعوها فعلا و أطلقوا قمرا صناعيا و يصنعون أسلحة داخل البلاد و يخرجون في المحافل الدولية ينتقدون في هذا و يعترضون على هذا و أقربها للذاكرة ما فعله أحمدي نجاد في مؤتمر ديربان 2 ، و هذا هو الاختلاف الرئيسي بين السنة و الشيعة حيث أن الشيعة يقولون أنه ليس من المعقول أن الله سبحانه و تعالى ترك لنا الكون بعد الرسول بدون تحديد حاكم مسلم و يجعل القرار بيد البشر حيث أنهم سيتقاتلون لا محالة و سيتم إسالة للدماء و هو ما حدث فعلا في الفتنة بين الصحابة و ما يحدث الآن من التهاوش و التناوش على الحكم فالشيعة يرون بـ " الإمامة " و هي الاختلاف الأكبر بين الشيعة و السنة كما قلنا فهم يقولون أن هناك 12 إماما كان كل إمام ينص على الذي بعده بل العجيب و الذي سمعته مؤخرا أنهم عندهم حديث عن الرسول ذكر فيه الاثنا عشر إماما بالاسم ! ( بالمناسبة أنا سني و لست شيعي بل أكره الشيعة جدا لكي لا يشك أحد )

بعد كل ذلك هل تحكم السعودية بالشريعة الإسلامية ؟ ما هو حكم الله في اختيار الخليفة أو الحاكم ؟ هل هو أن يأتي حاكم إلى الشعب و يحتكر الحكم له و لأسرته المالكة ثم يأتي الشعب له و يبايعه وسط احتفالات بالحاكم الجديد , هذا ما يحدث هناك . هل هناك أحد من الشعب السعودي له قرار في اختيار حاكمه ؟ النسبة هي صفر بالطبع . أنا لا أتكلم عن هل الحاكم عادل أم ظالم أنا أتكلم هل الشعب له يد في اختيار من يحكمه ؟ الشعب السعودي ليس له أية إرادة في اختيار الحاكم ، لا سيما أنه حكم ملكي و لا يخفى عليكم ما يتمتع به الحكم الملكي من ديكتاتورية رهيبة فهي إرادة واحدة و وجهة واحدة للبلاد تلك التي يختارها الحاكم ، رفض أم أبى الشعب ، الحكم الملكي من أخطر أنواع الحكم ، لا توجد أحزاب و تقريبا لا توجد معارضة و لا يوجد رأي آخر بل هو الرأي الواحد الرأي الأوحد رأي الملك حفظه الله و رعاه . مما سبق يتضح أن الحكم في الممكلة حكم توريثي أي أن الحاكم القادم معلوم لدى الجميع و هو الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد ، هل هذا الحكم هو ما يرضي الله و رسوله ؟ سؤال أعتقد الإجابة عليه بديهيّة جدا لكل من كان له عقل أو ألقى السمع و هو شهيد . هذه التدوينة أوجهها لأصدقائي هناك و الذين سأحرص أن يقرؤوها لأنه موضوع مهم لا سيما أني كلما أتحدث مع أحدهم على (الفايس بوك) و أسأله " هل الممكلة العربية السعودية تحكم بشرع الله " تكون الإجابة بـ "نعم" و هم مقتنعين تماما بهذا الرأي . نقطة أخرى ، بلد كهذا يعتبر من واجهات العالم العربي و يحتضن الحرمين هل يعقل ان يكون حاكمه لا يجيد القراءة بطلاقة ؟ من ينظر إلى الملك عبد الله أثناء حديثه في المؤتمرات و المحافل يجد شيئا عجيبا فهو يتتعتع و يتلقلق و يتفأفأ ، أعتقد أن هذا الرجل ليس له رؤية سياسية ، لا أستطيع تخيل أن هذا الرجل يحكم تلك الدولة حقا و أتذكر حينها حديث رسول الله " إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " . أخيرا بالنسبة لخطبة الجمعة مهما كان الإمام على علم و بصيرة فإنك تجده يقرأ من ورقة مع العلم أنه لو تكلم بدون الورقة سيؤدي أداءا ممتازا و لكنها في ورقة , فكروا لماذا و أخبروني

أتمنى ان أكون و ضحت وجهة نظري

3 comments:

  1. مقال جميل وفكر رائع
    بالنسبة للورقة أعتقد لأنها مكتوبة لهم كلهم

    ReplyDelete
  2. أحمد السيدMay 3, 2009 at 9:26 AM

    أحسنت

    ReplyDelete
  3. ما شاء الله بجد انا منبهرة لان كل تسائلاتك دى كانت تدور بذهنىوكانت تشغل بالى بشدةولكنى لم اسكت....وانا فى السعودية حيث انتقلت اليها فى الصف الاول الثانوى عندما كانت تحدثنا مدرسة الفقه عن ان تعليق الصور حرام وحكم التصوير وغيره لم اتماللك نفسى الا وسالتها....اليست مدرساتنا قدوة ؟ قالت نعم قلت فلما تعلق فى غرفة المديرة وغرفة المدرسات صور مكبرة للملك وولى العهد؟ وتسألت مرة اخرى عن اذا كانت دوله اسلامية فلماذا لا تتبع شرع الله فى اهم شئون المسلمين وهو الولاية؟ فلم اجد جوابا...........

    ReplyDelete