بداية ليدع كل منا العصبيات القبلية فإنها من سمات الجهالة الجهلاء و الضلالة العمياء " دعوها فإنها منتنة " لينسى كل منا أنه مصري أو سعودي أو .. أو .. دع حظ النفس جانبا . ليكن كل همك معرفة الحق واتباعه و لنبدأ
سارعي للمجد و العلياء ، مجّدي لخالق السماء ، و ارفعي الخفاق الأخضر ، يحمل النور المسطّر ، ردّدي الله أكبر يا موطني ، موطني قد عشت فخر المسلمين ، عاش الملك للعلم و الوطن .. لا زلت أذكر ذلك النشيد الوطني الذي كنّا نردده في طابور الصباح في مدرسة الخبر الثانوية و الذي قد تدفعنا العصبية القبلية و الحنين للوطن نحن المصريين بعدم الترديد بل أحيانا بترديد النشيد الوطني المصري بصوت منخفض
درست في المملكة العربية السعودية من الصف الثالث الإعدادي - أو المتوسط كما يسمونه هناك - و حتى الصف الثالث الثانوي ثم عدت إلى المحروسة لدخول الجامعة . لا أنكر أن تلك الفترة التي قضيتها هناك كانت من أفضل أيام حياتي التي تعلمت فيها كثيرا و لكنها أيضا أثّرت على فكري بالسلب أكثر منها للإيجاب . تحسنت كثيرا منذ أن عدت . يوجد حقد شديد بين الشعب المصري و الشعب السعودي . فالشعب المصري كثيرا ما ينعتهم بالأغبياء و أنهم لولا الدول المتقدمة لظلوا الحفاة العراة رعاء الشاة و لم يتطاولوا في البنيان و على الجانب الآخر السعوديون يكرهون المصريين لأنهم يقولون أنهم يذهبون إلى دول الخليج و ينهبون خيرات تلك البلاد مع الاستهزاء باللهجة طبعا وما إلى ذلك . كلاهما يشتم الآخر , تعرفت هناك على أفراد رائعين , سعوديين و غيرهم . لنتكلم كعادتنا عن السلبيات و الإيجابيات . الإيجابيات هناك و المميز جدا أن السمت العام ملتزم سواء بإرادته أو بغير إرادته سواء كان التزاما أجوفا أم حقيقيا و لكنه سمت ملتزم لا تجد امرأة متبرجة في الشارع لا تجد من يترنّح و في يده تلك الزجاجة الخضراء لا تجد من يخرج يده من زجاج السيارة ليدفع لشرطي المرور عشرين ريال . قد يقول البعض إنهم يفعلون داخل البيوت كذا و كذا و لا يغرك السمت العام , هذا قد يكون صحيحا و لكن ما يفعلونه في بيوتهم بينهم و بين ربهم و لكن ما يهمني كإنسان مسلم أنه عندما أسير في الشارع لا أرى المجاهرة بالمعصية و لا أرى ما يخدش الحياء " أعطوا الطريق حقّه " ما يميزهم أيضا الحالة الاجتماعية المرتفعة و التي سنتكلم عنها فيما بعد و لكن لنقل حاليا أنها ميزة على غرار " نعم المال الصالح للعبد الصالح " أيضا ما يميز ذلك الشعب أنه ينمو علميا بخطوات ملحوظة حيث بدأ تخريج كفاءات من الجامعات و تشغيلهم مكان العمالة الأجنبية بما فيها المصرية و هو ما يسمى بـ " السّعْوَدة " . أيضا من الأعمال الرائعة هي العناية بالحرمين الشريفين و الاهتمام بالحجاج و المعتمرين و لعل هذا أحد الأسباب أن الله سبحانه و تعالى جعل الحرمين في تلك المنطقة التي تطفو على النفط حتى إذا ما كانت هناك سرقات فسيظل المال موجودا بوفرة . لعلها من حكمة الله فأنا أعتقد أن الحرم لو كان مصر لكان الدخول بربع جنيه للفرد . حتى الآن كلام جميل و لكن نجيء إلى النقطة التي تشغل بالي . هل تلك الممكلة الكبيرة و التي تشتهر بأنها تحتضن الحرمين الشريفين و تشتهر كذلك بأنها تطبق الشريعة الإسلامية و أن دستور الدولة هو القرآن الكريم و هو ما يجزم به الشعب السعودي ، هل تلك الدولة تطبق الشريعة حقا أم أننا نخدع أنفسنا ؟
الحكم الديكتاتوري ( هو شكل من أشكال الحكم تكون فيه السلطة مطلقة في يد فرد واحد ) يستخدم أحد أسلوبين في التعامل مع الرعية : نوع يهتم بجعل أقصى أماني الرعيّة البحث عن المأكل و المسكن و الملبس حتى يشغله ذلك عن التفكير في حال الدولة و الاعتراض على نظام الحكم الظالم و هو ما نعاني منه في مصر . و نوع آخر يجعل الشعب يعيش في أقصى درجات الرفاهية و لا يتمنّى شيء إلا و يكون متحققا أمامه حتى يصبح لا يرى شيئا و لا يريد شيئا غير أن يستمر في ذلك النعيم المقيم إلى أن يتم حمله على الأكتاف و بالتالي تنسيه الشهوات - ليست بالضرورة شهوات محرمة - أن يفكر في إصلاح الدولة التي قد تبدو و كأنها دولة عادلة و لكنها ليست كذلك بل هي ثرية و ليست عادلة أو حتى يفكر فيما يحدث لإخوانه على الحدود أو في البلدان المجاورة من قتل و تعذيب وانتهاك للحرمات . نظامان ديكتاتوريان يبدو أنهما يجمعان بين المتضادات شديدة التناقض و لكنهما وجهان لعملة واحدة . كلاهما ديكتاتوري كلاهما ظالم كلاهما عميل . ما يحدث بالممكلة من الأكيد هو النظام الثاني . من لا يصدق إن الحكم في المملكة دكتاتوريا فليسأل ماذا حدث للشيخ خالد الراشد عندما تكلم بكلمة الحق أيام نشر الدنمارك للرسوم المسيئة لرسول الله صلى الله عليه و سلم في أحد محاضراتاه ، لقد تم الحكم عليه بالسجن لـ 15 عاما ، الشيخ خالد الراشد واعظ معروف كان بيتنا قريبا من مسجده ، حضرت له عدد قليل من الدروس و الخطب ، كان رجلا بكّاءاً شديد البكاء و من يسمع له محاضرات يجد أنه قد لا يستطيع الكلام من شدة البكاء ، هو الآن في المعتقل و إذا جاء ذكر الشيخ خالد الراشد في سياق الكلام أمام أحد من المتدينين تجده مباشرة يدعو له بأن يفك الله أسره وسط علامات للحزن و الأسى تعلو وجهه و لكن لا أحد يستطيع أن يذهب للملك و يقول له لماذا و كيف و لم ؟ مستحيل .. مع يقينه التام بأن الشيخ خالد الراشد مظلوم . هذا أحد الأدلة ، ثانيا تمتلك المملكة العربية السعودية إحدى أكثر وسائل الإعلام تطوراً ، ولكنها أيضاً خاضعة لقيود . عموما، لا يتم التسامح مع انتقاد الحكومة والعائلة المالكة والتشكيك في العقائد الدينية ، جميع الصحف السعودية تصدر بقرار ملكي ، و هي تخضع للرقابة وفقا لنظام المؤسسات الصحافية . ويتم إصدار قرارات تعيين رؤساء التحرير للصحف بواسطة وزير الثقافة والإعلام و هو أمر ناجح جدا لنظلم ديكتاتوري عندما يمتلك وسائل الإعلام في يديه ، يستطيع حينها ان يفعل المعجزات لا سيما و أن الإعلام أصبح وسلة التأثير الأولى في الناس
لنتكلم قليلا عن الحكم ، الحكم فتنة كل زمان و مكان . عندما أسمع كلمة الإسلام أول ما يتبادر إلى ذهني كلمة الحكم ، فالإسلام نزل لكي يحكم " إن الله ليردع بالسلطان ما لا يردع بالقرآن " . فلا أحد يختلف على أن الإسلام شعائر و شرائع و أخلاق و معاملات ، هذا ما يتفق عليه الجميع ، و لكن عندما يقال إن الإسلام به حكم هنا تبدأ الشفاه بالامتعاض تفكيرا في إمكانية حدوث ذلك ، و أكبر دليل على ذلك ما يفعله الشيعة الآن ، من أكبر الخطوات التي سبق بها الشيعة السنة أنه يوجد جموع غفيرة مؤمنة بالمذهب إلى جانب وجود حكومة تؤمن بالمذهب و تعمل له و كأن إرادة الشعب تتمثل في شخص الحاكم ، أما السنة - و أقصد بالسنة المسلم الملتزم المطالب بتطبيق شرع الله و ليس حامل المذهب السني و فقط - فيوجد عدد من الملتزمين و لكنك تجد ما ينقصنا هو وجود حكومة مسلمة مؤمنة بفكرة الإسلام لذلك الشيعة سبقونا كثيرا و اقتربوا من النووية إن لم يكونوا صنعوها فعلا و أطلقوا قمرا صناعيا و يصنعون أسلحة داخل البلاد و يخرجون في المحافل الدولية ينتقدون في هذا و يعترضون على هذا و أقربها للذاكرة ما فعله أحمدي نجاد في مؤتمر ديربان 2 ، و هذا هو الاختلاف الرئيسي بين السنة و الشيعة حيث أن الشيعة يقولون أنه ليس من المعقول أن الله سبحانه و تعالى ترك لنا الكون بعد الرسول بدون تحديد حاكم مسلم و يجعل القرار بيد البشر حيث أنهم سيتقاتلون لا محالة و سيتم إسالة للدماء و هو ما حدث فعلا في الفتنة بين الصحابة و ما يحدث الآن من التهاوش و التناوش على الحكم فالشيعة يرون بـ " الإمامة " و هي الاختلاف الأكبر بين الشيعة و السنة كما قلنا فهم يقولون أن هناك 12 إماما كان كل إمام ينص على الذي بعده بل العجيب و الذي سمعته مؤخرا أنهم عندهم حديث عن الرسول ذكر فيه الاثنا عشر إماما بالاسم ! ( بالمناسبة أنا سني و لست شيعي بل أكره الشيعة جدا لكي لا يشك أحد )
بعد كل ذلك هل تحكم السعودية بالشريعة الإسلامية ؟ ما هو حكم الله في اختيار الخليفة أو الحاكم ؟ هل هو أن يأتي حاكم إلى الشعب و يحتكر الحكم له و لأسرته المالكة ثم يأتي الشعب له و يبايعه وسط احتفالات بالحاكم الجديد , هذا ما يحدث هناك . هل هناك أحد من الشعب السعودي له قرار في اختيار حاكمه ؟ النسبة هي صفر بالطبع . أنا لا أتكلم عن هل الحاكم عادل أم ظالم أنا أتكلم هل الشعب له يد في اختيار من يحكمه ؟ الشعب السعودي ليس له أية إرادة في اختيار الحاكم ، لا سيما أنه حكم ملكي و لا يخفى عليكم ما يتمتع به الحكم الملكي من ديكتاتورية رهيبة فهي إرادة واحدة و وجهة واحدة للبلاد تلك التي يختارها الحاكم ، رفض أم أبى الشعب ، الحكم الملكي من أخطر أنواع الحكم ، لا توجد أحزاب و تقريبا لا توجد معارضة و لا يوجد رأي آخر بل هو الرأي الواحد الرأي الأوحد رأي الملك حفظه الله و رعاه . مما سبق يتضح أن الحكم في الممكلة حكم توريثي أي أن الحاكم القادم معلوم لدى الجميع و هو الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد ، هل هذا الحكم هو ما يرضي الله و رسوله ؟ سؤال أعتقد الإجابة عليه بديهيّة جدا لكل من كان له عقل أو ألقى السمع و هو شهيد . هذه التدوينة أوجهها لأصدقائي هناك و الذين سأحرص أن يقرؤوها لأنه موضوع مهم لا سيما أني كلما أتحدث مع أحدهم على (الفايس بوك) و أسأله " هل الممكلة العربية السعودية تحكم بشرع الله " تكون الإجابة بـ "نعم" و هم مقتنعين تماما بهذا الرأي . نقطة أخرى ، بلد كهذا يعتبر من واجهات العالم العربي و يحتضن الحرمين هل يعقل ان يكون حاكمه لا يجيد القراءة بطلاقة ؟ من ينظر إلى الملك عبد الله أثناء حديثه في المؤتمرات و المحافل يجد شيئا عجيبا فهو يتتعتع و يتلقلق و يتفأفأ ، أعتقد أن هذا الرجل ليس له رؤية سياسية ، لا أستطيع تخيل أن هذا الرجل يحكم تلك الدولة حقا و أتذكر حينها حديث رسول الله " إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " . أخيرا بالنسبة لخطبة الجمعة مهما كان الإمام على علم و بصيرة فإنك تجده يقرأ من ورقة مع العلم أنه لو تكلم بدون الورقة سيؤدي أداءا ممتازا و لكنها في ورقة , فكروا لماذا و أخبروني
أتمنى ان أكون و ضحت وجهة نظري