و أترككم الآن مع مقتطفات من الحكمة التي أجراها الله على لسان ذلك الرجل فخطها بيمينه في كتابه القيّم هذا :
- لما كان تعريف علم السياسة بأنه هو " إدراةا لشئون المشتركة بمقتضى الحكمة " يكون بالطبع أول مباحث السياسة و أهمها بحث " الاستبداد" أي " التصرّف في الشئون المشتركة بمقتضى الهوى " .- الاستبداد يجعل الناس تتهافت على شهواتها البهيمية لأنهم لا يعرفون لذة غيرها ، فهم لم يتذوقوا لذة الحرية أو لذة الكرامة أو لذة الأمن و الاطمئنان .- الناس وضعوا الحكومات لأجل خدمتهم ، و الاستبداد قَلَب الموضوع فجعل الرعية خادمة للرعاة .- يقولون الاستبداد يقلل الفسق و الفجور ، و الحق أن عن فقر و عجز لا عن عفة و دين .- أسير الاستبداد دون الحيوان ، لأنه يتحرك بإرادة غيره لا بإرادة نفسه .- التهاون في أمر الدين ناشيء أولاً و آخراً من الاستبداد .- الأمر الغريب ، أن كل الأمم المنحطة من جميع الأديان تحصر بلية انحطاطها السياسي في تهاونها بأمور دينها ، و لا ترجو تحسين حالتها الاجتماعية الاجتماعية إلا بالتمسك بعروة الدين تمسكا متينا ، و يريدون بالدين العبادة . و لنعم الاعتقاد لو كان يفيد شيئاً ، و لكنه لا يفيد أبداً ! لأنه قول لا يمكن ان يكون وراءه فعل ، و ذلك أن الدين بذر جيد لا شبهة فيه ، فإذا صادف مغرسا طيبا نبت و نما ، و إن صادف أرضا قاحلة مات و فات ، أو أرضا مغراقا هاف و لم يثمر . و ما هي أرض الدين ؟ أرض الدين هي تلك الأمة التي أعمى الاستبداد بصرها و بصيرتها فأفسد أخلاقها و دينها ، حتى صارت لا تعرف للدين معنى غير العبادة و النسك اللذين زيادتهما عن حدهما المشروع أضر على الأمة من نقصهما كما هو مشاهد في المتنسّكين .نعم ، الدين يفيد الترقي الاجتماعي إن صادف أخلاقا فطرية لم تفسد ، فينهض بها كما نهض الإسلام بالعرب ، تلك النهضة التي نتطلبها من الف عام عبثاً .بناء عليه ما أجدر بالأمم المنحطة أن تلتمس دواءها من طرق إحياء العلم و إحياء الهمة مع الاستعانة بالدين و الاستفاده منه بمثل " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر " لا أن يتكلوا على أن الصلاة تمنع الناس عنهما بطبعها .- لابد أن نفقه أن القضاء و القدر هما عند الله ما يعلمه و يمضيه ، و هما عند الناس السعي و العمل . و كل عمل عظيم قد ابتدأ به فرد ثم تعاوره غيره إلى أن كمل ، فلا يتخيل الإنسان في نفسه عجزاً ، و لا يتوقع إلا خيراً ، و خير الخير للإنسانأن يعيش حرا مقداماً أو يموت .- فالمسلمون اليوم يقابلون قوات الغرب و جبروته بما يقال عند اليأس و هو " حسبنا الله و نعم الوكيل " و يخالفون أمر القرآن لهم بأن يعدوا ما استطاعوا من قوة ، كل أنواع القوة ، لا ما استطاعوا من صلاة و صوم فقط .- لو ملك الفقهاء حرية النظر لخرجوا من الاختلاف في تعريف المساكين الذين جعل الله لهم نصيبا من الزكاة ، فقالوا : هم عبيد الاستبداد ، و لجعلوا كفارات فك الرقاب تشمل هذا الرق الأكبر .
ثم يختم الكواكبي كتابه بنصائح و خطوات يرى - من وجهة نظره - أنها كفيلة بالتخلص من الاستبداد القابع على صدورنا و هي :
1. الأمة التي لا يشعر كلها أو أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية .2. الاستبداد لا يقاوم بالشدة إنما يقاوم باللين و التدريج .3. يجب قبل مقاومة الاستبداد تهيئة ماذا يستبدل به الاستبداد .إذا لم تقمْ بالعدل فينا حكومة**فَنَحْنُ عَلى تغييرها قُدَراءُ
جميلة أوي يا أنس بجد
ReplyDeleteوالكتاب ده شكله معدي فعلا لازم أقرأه قريب
تسلم ايديدك
:)
عبدالرحمن