Monday, October 18, 2010

اليوم التاسع عشر : سأظل بجانبك .. لكن قم وحيداً


" يا محمد عش ما شئت فإنك ميت ، و أحبب من شئت فإنك مفارقه ، و اعمل ما شئت فإنك مجزي به "

اعذرني يا صديقي فسأخبرك بحقيقة . و الحقيقة كما نعلم جميعاً مؤلمة عند الصدمة الأولى و لكنها ما يلبث الألم حتى تخبو إذا تعاملت معه بقليل من الحكمة . صدقني إذا قلت لك أنك تعيش وحيداً و ستموت وحيداً و ستبعث وحيداً . رضي الله عنك يا أبا ذر .

تحدثنا في المقال السابق عن أن الإنسان يأنس بمن حوله و ربنا كان هذا أحد أسباب تلقيبه بـ " الإنسان " ، و يعتبر لقاء الأحباب و الأصحاب الذين يذكروننا بالله أحد متع الحياة التي كان يتحسّر الصالحون عليها عند موتهم . و لكن تظل الحقيقة المؤلمة هي أنك في النهاية تعيش وحيداً ، مهما كان عدد معارفك و مهما توغلت شبكة علاقاتك .. ستظل وحيداً . عليك دائما مواجهة الحياة وحدك ، تتحمل المسؤولية .. وحدك ، مسئولية نفسك .. وحدك ، مسئولية اختباراتك .. وحدك ، مسئولية حتى تفكيرك ، إذا لم تستطع أن تحل مشاكلك بنفسك فلن يحلها لك أحد ، ببساطة لأنك الوحيد الذي يستطيع حل مشاكلك ، من حولك يساعدونك ، يقدمون لك النصح و الإرشاد ، يعينونك ، يأخذون بيدك ، يربتون على كتفك ، و لكن في النهاية أنت الوحيد الذي سيفعلها !

من أساسيات التربية أن تزرع في الشخص حب التغيير للأفضل و الرغبة الصادقة و النية الفتية لذلك ، إذا اختل هذا المفهوم منذ البداية فسيترعرع في الحياة فيجد أن الحقوق تقل و الواجبات تزداد ، فيشعر بالزحام ، زحام الحياة ، سيظل عشر سنوات يحل في مشكلة واحدة شخصية و في النهاية يكون الفشل رفيقه .

إن فلسفة الدار الآخرة ، ربما تساعدنا على تخفيف الصدمة ، الصدمة التي لن ستطيهع أن يتحملها القائلون إن هي إلا حياتنا الدنيا و ما نحن بمبعوثين . إنه يحب زوجته و لكنه لا يستطيع أن يتخيل أنه لن يراها بعد الموت فكلاهما سيفنى و لن يعود ! إنه يحب صديقه و لكنه سيفارقه إلا ما لا نهاية ! كيف ؟ لا يا صديقي إن المؤمن الذي يستشعر فلسفة الدار الآخرة يطمئن قليلاً ، إنها عظمة الإسلام ، أن تلقى الرسول يوم القيامة فتخلدان سويا ، أن تسكن مع زوجتك فتخلدان سوياً و لكن بعيدأ عن هموم الدنيا . أن تعيش مع أولادك و أحفادك في قصر واحد . أن تفكر في صديقك فإذن هو بجوارك !

أشعر بمعنى حديث " المرء مع من أحب "
إنها فلسفة الدار الآخرة ، فلا حد يفرقنا و لا زمن يباعدنا ، في اللامكان و اللازمان ، يا الله ، سأراه مرة أخرى بعد الممات !

-

أعود فأقول ، مشاكلك لن يحلها أحد غيرك . عليك أن تتحمل مسئولية حياتك وحيداً لأنك ببساطة تعيش وحيداً و إن ازداد المحيطين بك يوما بعد يوم . ازرع في الناس حب الإصلاح و التغيير للأفضل حينها لا تخاف عليه من كلاليب الدنيا . كن رجلاً .. واجه مشاكلك و لا تهرب منها فلا بد من المواجهة فلم يعد هناك وقت للإنكار و الجميع الآن يقرّون !

سأظل بجانبك . و لكن عليك أن تواجهها وحدك .

في النهاية ، عزائي الوحيد أني ربما أكون معهم في دار الخلد ، إنها عظمة الإسلام في فلسفة الدار الآخرة . حينها فقط لن أكون وحيداً .

No comments:

Post a Comment